حاشية على رسالة لا ضرر

اشارة

نام كتاب: حاشية على رسالة لا ضرر موضوع: قواعد فقهى نويسنده: مامقانى، ملا عبد اللّٰه بن محمد حسن تاريخ وفات مؤلف: 1351 ه ق زبان: عربى قطع: رحلى تعداد جلد: 1 ناشر: مجمع الذخائر الإسلامية تاريخ نشر: 1350 ه ق نوبت چاپ: اول مكان چاپ: قم- ايران ملاحظات: اين كتاب حاشيه ايست بر كتاب" رسالة لا ضرر" شيخ انصارى رحمه الله كه در آخر كتاب" نهاية المقال في تكملة غاية الآمال" چاپ گرديده است

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

ص: 7

ص: 8

ص: 9

ص: 10

ص: 11

ص: 12

ص: 13

ص: 14

ص: 15

ص: 16

ص: 17

ص: 18

ص: 19

ص: 20

ص: 21

ص: 22

ص: 23

ص: 24

ص: 25

ص: 26

ص: 27

ص: 28

ص: 29

ص: 30

ص: 31

ص: 32

ص: 33

ص: 34

ص: 35

ص: 36

ص: 37

ص: 38

ص: 39

ص: 40

ص: 41

ص: 42

ص: 43

ص: 44

ص: 45

ص: 46

ص: 47

ص: 48

ص: 49

ص: 50

ص: 51

ص: 52

ص: 53

ص: 54

ص: 55

ص: 56

ص: 57

ص: 58

ص: 59

ص: 60

ص: 61

ص: 62

ص: 63

ص: 64

ص: 65

ص: 66

ص: 67

ص: 68

ص: 69

ص: 70

ص: 71

ص: 72

ص: 73

ص: 74

ص: 75

ص: 76

ص: 77

ص: 78

ص: 79

ص: 80

ص: 81

ص: 82

ص: 83

ص: 84

ص: 85

ص: 86

ص: 87

ص: 88

ص: 89

ص: 90

ص: 91

ص: 92

ص: 93

ص: 94

ص: 95

ص: 96

ص: 97

ص: 98

ص: 99

ص: 100

ص: 101

ص: 102

ص: 103

ص: 104

ص: 105

ص: 106

ص: 107

ص: 108

ص: 109

ص: 110

ص: 111

ص: 112

ص: 113

ص: 114

ص: 115

ص: 116

ص: 117

ص: 118

ص: 119

ص: 120

ص: 121

ص: 122

ص: 123

ص: 124

ص: 125

ص: 126

ص: 127

ص: 128

ص: 129

ص: 130

ص: 131

ص: 132

ص: 133

ص: 134

ص: 135

ص: 136

ص: 137

ص: 138

ص: 139

ص: 140

ص: 141

ص: 142

ص: 143

ص: 144

ص: 145

ص: 146

ص: 147

ص: 148

ص: 149

ص: 150

ص: 151

ص: 152

ص: 153

ص: 154

ص: 155

ص: 156

ص: 157

ص: 158

ص: 159

ص: 160

ص: 161

ص: 162

ص: 163

ص: 164

ص: 165

ص: 166

ص: 167

ص: 168

ص: 169

ص: 170

ص: 171

ص: 172

ص: 173

ص: 174

ص: 175

ص: 176

ص: 177

ص: 178

ص: 179

ص: 180

ص: 181

ص: 182

ص: 183

ص: 184

ص: 185

ص: 186

ص: 187

ص: 188

ص: 189

ص: 190

ص: 191

ص: 192

ص: 193

ص: 194

ص: 195

ص: 196

ص: 197

ص: 198

ص: 199

ص: 200

ص: 201

ص: 202

ص: 203

ص: 204

ص: 205

ص: 206

ص: 207

ص: 208

ص: 209

ص: 210

ص: 211

ص: 212

ص: 213

ص: 214

ص: 215

ص: 216

ص: 217

ص: 218

ص: 219

ص: 220

ص: 221

ص: 222

ص: 223

ص: 224

ص: 225

ص: 226

ص: 227

ص: 228

ص: 229

ص: 230

ص: 231

ص: 232

ص: 233

ص: 234

ص: 235

ص: 236

ص: 237

ص: 238

ص: 239

ص: 240

ص: 241

ص: 242

ص: 243

ص: 244

ص: 245

ص: 246

ص: 247

ص: 248

ص: 249

ص: 250

ص: 251

ص: 252

ص: 253

ص: 254

ص: 255

ص: 256

ص: 257

ص: 258

ص: 259

ص: 260

ص: 261

ص: 262

ص: 263

ص: 264

ص: 265

ص: 266

ص: 267

ص: 268

ص: 269

ص: 270

ص: 271

ص: 272

ص: 273

ص: 274

ص: 275

ص: 276

ص: 277

ص: 278

ص: 279

ص: 280

ص: 281

ص: 282

ص: 283

ص: 284

ص: 285

ص: 286

ص: 287

ص: 288

ص: 289

ص: 290

ص: 291

ص: 292

ص: 293

ص: 294

ص: 295

ص: 296

ص: 297

ص: 298

ص: 299

ص: 300

ص: 301

ص: 302

ص: 303

ص: 304

ص: 305

ص: 306

ص: 307

ص: 308

ص: 309

ص: 310

ص: 311

ص: 312

ص: 313

ص: 314

ص: 315

ص: 316

ص: 317

ص: 318

ص: 319

ص: 320

ص: 321

ص: 322

ص: 323

ص: 324

ص: 325

ص: 326

ص: 327

ص: 328

ص: 329

[في بيان معنى القاعدة و بيان مدركها و حالها مع الأدلة المعارضة لها في الظاهر]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ و به ثقتي

قوله طاب ثراه في رسالة نفى الضّرر و لا بدّ من ذكر الأخبار (- اه-)

الوجه في اللّابديّة دليل انحصار القاعدة فيها كما سننبّه عليه (- إن شاء الله-) (- تعالى-) في ذيل الكلام على المراد بالأخبار فيتوقّف الكلام في القاعدة و فهم مؤدّاها على ذكر الأخبار و البحث عن معناها

قوله طاب ثراه ففي موثقة زرارة (- اه-)

قد رواها الكليني (- ره-) عن عدّة من أصحابه عن احمد بن محمّد بن خالد عن أبيه عن عبد اللّه بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام و وصف (- المصنف-) (- قدّه-) لها بالموثّقيّة انّما هو باعتبار عبد اللّه بن بكير حيث انه فطحيّ موثّق وثّقه جمع منهم الشيخ (- ره-) في الفهرست و العلّامة (- ره-) في الخلاصة و غيرهما لكن لا يخفى عليك أمران الأول انّ عبد اللّه بن بكير مشترك بين جماعة منهم عبد اللّه بن بكير الأرجاني و هو مرتفع القول ضعيف و منهم عبد اللّه بن بكير عبد يائيل الّذي دفع أمير المؤمنين عليه السّلام إليه راية كنانة يوم خروجه من الكوفة إلى صفّين و منهم عبد اللّه بن بكير بن أعين بن سنسن أبو على الشيباني و الّذي كان فطحيّا موثّقا هو هذا و يعرف كونه هو برواية عبد اللّه بن جبلة أو ابن ابى عمير أو علىّ بن الحكم أو ابن أذينة أو الحسن بن على بن فضال أو أحمد بن الحسن بن علىّ بن فضال أو القاسم بن عروة أو علىّ بن رئاب أو منصور بن يونس أو الحسين بن سعيد أو محمّد بن عبد الجبّار المشهور بابن ابى الصّهبان عنه على ما صرّح به في مشتركات الكاظمي (- ره-) و لا يخفى انّ الرّاوي عنه في السّند المذكور ليس أحد هؤلاء و لعلّ تعيين انّه ابن بكير بن أعين بروايته عن عمّه زرارة حيث عدوّه من جملة من يروى عنه الثّاني انّ عبد اللّه بن بكير بن أعين ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه و عملت الطّائفة بما رواه و أقرّوا له بالعظمة و قد عدّ العلّامة (- ره-) في (- لف-) في مسئلة تبيّن فسق الإمام روايته من الصّحاح لحكاية إجماع العصابة فلا تذهل

قوله طاب ثراه انّ سمرة بن جندب كان له عذق في حائط (- اه-)

سمرة بفتح السّين المهملة و ضمّ الميم شجر معروف صغار الورق قصار الشّوك و له برمة صفراء يأكلها النّاس و ليس في العضاة شي ء أجود خشبا من السّمرة ينقل إلى الغري فتغمى به البيوت و به سمّى جمع منهم سمرة بن جندب بن هلال الفزازى أبو سعيد و قيل أبو عبد الرّحمن و قيل أبو عبد اللّه و قيل أبو سليمان حليف الأنصار مات بعد أبي هريرة و جندب بضمّ الجيم و الدّال أو فتح الثاني أو كسر الأوّل و فتح الثاني على اختلاف اللّغات فيه الّتي أضعفها الأخير جراد معروف و قيل هو الذكر من الجراد و قيل انّه الصّدى يصرّ باللّيل و يقفز و يطير و قيل هو أصغر من الصّدى يكون في البراري و به سمّى جمع منهم جندب بن هلال و العذق بالعين المفتوحة و الذّال السّاكنة وزان فلس النّخلة تجملها عند أهل الحجاز و الجمع اعذق و عذاق كافلس و كتاب و هو المراد هنا دون العذق بالكسر بمعنى العرجون بما فيه من الشّماريخ؟؟؟ و جمعه أعذاق كاحمال و الحائط الجدار و البستان (- أيضا-) من النخيل إذا كان عليه حائط

قوله طاب ثراه فقال صلوات اللّه عليه و آله لك بها عذق في الجنّة (- اه-)

قد سقط من قلمه الشّريف كلمة يمدّ لك أو مذلّل قبل قوله (- ص-) في الجنّة و المراد بالمدّ واضح و بالمذلّل ما في المجمع من قوله و ذلّلت قطوفها تذليلا اى ان قام ارتفعت اليه و ان قعد تدلّت عليه و قيل معناه لا تمتنع على طالب انتهى

قوله طاب ثراه و في رواية الحذّاء (- اه-)

قد رواها الصّدوق (- ره-) بإسناده عن الحسن الصّيقل عن ابى عبيدة الحذّاء قال قال أبو جعفر عليه السّلام كان لسمرة بن جندب نخلة في حائط بنى فلان فكان إذا جاء الى نخلته ينظر إلى شي ء من أهل الرّجل يكرهه الرّجل قال فذهب الرّجل الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فشكاه فقال يا رسول اللّه انّ سمرة دخل علىّ

ص: 330

بغير اذنى فلو أرسلت إليه فأمرته أن يستأذن حتى تأخذ أهلي حذرها منه فأرسل إليه رسول اللّه (- ص-) فدعاه فقال يا سمرة ما شأن فلان يشكوك و يقول يدخل بغير اذنى فترى من اهله ما يكره ذلك يا سمرة استأذن إذا أنت دخلت ثمَّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسرّك ان يكون لك عذق في الجنّة بنخلتك قال لا قال لك ثلثة قال لا قال ما أراك يا سمرة إلّا مضارّا اذهب يا فلان فاقطعها و اضرب بها وجهه و انّما عبّر (- المصنف-) (- ره-) عنه بالرّواية لأنّ في الحسن بن زياد الصّيقل جهالة و كذا في طريق الصّدوق (- ره-) اليه

قوله طاب ثراه و في رواية ابن مسكان (- اه-)

قد رواها الكليني (- ره-) عن علىّ بن محمّد بن بندار عن احمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه عن بعض أصحابنا عن عبد اللّه بن مسكان عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام انّ سمرة بن جندب كان له عذق و كان طريقه إليه في جوف منزل رجل من الأنصار و كان يجي ء و يدخل الى عذقه بغير إذن الأنصاري فقال الأنصاري يا سمرة لا تزال تفجأنا على حال لا نحبّ ان تفجأنا عليها فاذا دخلت فاستأذن قال لا استاذن في طريقي و هو طريقي إلى عذقي قال فشكاه الأنصاري إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأرسل إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأتاه فقال له انّ فلانا قد شكاك و زعم انّك تمرّ عليه و على اهله بغير إذنه فاستأذن عليه إذا أردت أن تدخل فقال يا رسول اللّه (- ص-) استاذن في طريقي إلى عذقي فقال له رسول اللّه (- ص-) خل عنه و لك مكانه عذق في مكان كذا و كذا قال لا قال و لك اثنان قال لا أريد فجعل يزيده حتّى بلغ عشرة اعذق فقال لا فقال لك عشرة في مكان كذا و كذا فأبى فقال (- ص-) خلّ عنه و لك مكانه عذق في الجنّة فقال لا أريد فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّك رجل مضار و لا ضرر و لا ضرار على المؤمن قال ثمَّ أمر بها رسول اللّه (- ص-) فقلعت ثمَّ رمى بها اليه فقال رسول اللّه (- ص-) انطلق فاغرسها حيث شئت و انّما سمّاها الماتن (- ره-) رواية لما في طريقها من الإرسال و جهالة بعض رجاله

قوله طاب ثراه و في هذه القصّة إشكال (- اه-)

وجه الإشكال انّه كما انّ دخول سمرة من غير استيذان ضرر على الأنصاري فكذا منع السّمرة من التصرّف في ملكه و قلع نخلته ضرر عليه فضرر الأنصاري معارض بضرر سمرة فما الّذي أوجب دخول الأنصاري في عنوان من ينفى عنه الضّرر بخلاف سمرة و كيف يتمّ تعليل النّبي (- ص-) امره بالقلع و تقديمه ضرر الأنصاري بقوله (- ص-) لا ضرر و لا ضرار مع انّ المورد من تعارض الضررين فترجيح أحدهما على الأخر بسبب عدم الضرر و الضّرار مناف للقاعدة و ظاهر الماتن (- ره-) الالتزام بالإشكال و الاعتذار بعدم منعه من التمسّك بهذه الأخبار المتضمّنة لنفي الضّرر و الضّرار في موارد الضرر و ربّما أجيب عن الإشكال بأنّ قوله (- ص-) لا ضرر و لا ضرار تعليل لكون سمرة مضارّا كما أشار (- ص-) إليه في رواية الحذاء بقوله (- ص-) لا أراك يا سمرة إلّا مضارّا و لمّا كان الإضرار بالغير (- مط-) حراما و كان سمرة مضارّا منعه (- ص-) أوّلا من الإضرار بالأنصارى فلما لم يمتنع من ذلك دفع الضّرر عن الأنصاري بقلع عذق سمرة فكان كون سمرة قاصدا للضّرر سلب احترام ماله فبقي ضرر الأنصاري بغير معارض فنفاه صلّى اللّه عليه و آله بالأمر بالقلع و ربّما احتمل بعضهم كون هذه الأخبار مسوقة لبيان حكم الإضرار كما هو مقتضى مواردها و يدفعه ما تقرّر في محلّه من انّ العبرة بعموم الجواب و انّ خصوصيّة المورد لا تخصّصه و احتمل أخر كون هذه الاخبار مسوغة لبيان انّه إذا تعارض الضّرران و كان دفع الضّرر عن أحدهما مع عدم الإضرار بالآخر ممكنا لزم دفعه فإنّه صلّى اللّه عليه و آله أراد الجمع بين الحقّين بأن يستأذن سمرة عند الدّخول أو يبيع نخلته بأعلى القيم أو نحو ذلك فلم يرض فأمر (- ص-) بقلعها و رميها لتبيّن قصد سمرة الإضرار بالأنصارى من غير عكس فتصرّف سمرة و إن كان في ملكه الّا انه لما كان بحيث يتضرّر الأنصاري و كان ضرر سمرة ممكن الدّفع بالاستيذان عند ارادة الدّخول أو بيعه العذق بأعلى القيم كان ممّا له جابر بخلاف ضرر الأنصاري فلهذا قدّم صلّى اللّه عليه و آله ضرر الأنصاري على ضرر سمرة فقد استفيد من الحديث انّ تصرّف المالك في ملكه إذا استلزم تضرّر الجار مع إمكان دفعه بحيث لا يتضرّر المالك حرام منفيّ

قوله طاب ثراه و منها رواية عقبة (- اه-)

قد رواها الكليني (- ره-) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن عبد اللّه بن هلال عن عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و تسميته رواية لعلّها باعتبار محمّد بن عبد اللّه بن هلال المجهول حاله و الّا فالّذين قبله ثقتان و عقبة حسن

قوله طاب ثراه و منها ما عن (- كرة-) (- اه-)

قد أرسله هو (- ره-) في محكي نهاية الأحكام و الشّهيد (- ره-) في (- كرى-) و غيرهما (- أيضا-) بل هو من الأخبار النبويّة المشهورة بين الفريقين المستدلّ بها في كتبهم في العلمين الفقه و الأصول بحيث لو ادّعى تواتره لم يكن بعيدا كما لا يخفى على المتدبّر

قوله طاب ثراه و منها رواية هارون بن حمزة الغنوي (- اه-)

قد رواها الشيخ (- ره-) في (- يب-) بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن يزيد بن إسحاق شعر عن هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و قد سقط من قلم الماتن (- ره-) بين كلمة مريضا و كلمة يباع كلمة و هو و كلمة فجاء ليست في النسخة و انّما الموجود فأشرك و في بعض النسخ بدل ثمنه كلمة ثمانية و الغنوي بالغين المعجمة و النّون و شعر بالشين المعجمة و العين المهملة و الرّاء لقب يزيد بن إسحاق بن ابى السّخف الغنوي و لم افهم وجه تسمية الماتن (- ره-) هذه رواية مع انّ محمّد بن احمد و محمّد بن الحسين حالهما في الثقة مشهورة و يزيد بن إسحاق فيه مدح عظيم و حكم العلّامة (- ره-) بصحّة حديثه و الشهيد الثّاني (- ره-) بتوثيقه و هارون بن حمزة قد وثّقه المجلسي (- ره-) في الوجيزة و حكى عن المفيد (- ره-) (- أيضا-) توثيقه فلاحظ و تدبّر

قوله طاب ثراه و منها رواية أخرى لعقبة (- اه-)

سند هذه الرّواية عين سند روايته الأولى

قوله طاب ثراه هذه جملة ما عثرنا عليها (- اه-)

قلت هناك اخبار أخر مرادفه أو مقاربة للأخبار المذكورة لم يسطرها (- قدّه-) فمنها ما رواه الكليني (- ره-) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن محمّد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه (- ع-) قال انّ الجار كالنّفس غير مضارّ و لا اثم بيان كلمة غير مضار امّا منصوب حالا أو مرفوع خبرا بعد خبر عن الجار و الخبر الأوّل كلمة كالنّفس و ذلك شائع و قد افاده ابن مالك بقوله و أخبروا باثنين أو باكثرا عن واحد كهم صراط شعرا فتكون الجملة عليه إنشائيّة ثمَّ انّه قال الجوهري في الصّحاح إثمه اللّه في كذا ياثمه اى عدّه عليه اثما فهو مأثوم انتهى و (- ح-) فلعلّ المراد بالحديث انّ الرجل كما لا يضارّ نفسه و لا يوقعه في الإثم أو لا يعدّ عليه الأمر اثما فكذا ينبغي ان لا يضر جاره و لا يوقعه في الإثم بل يبعده و لا يعدّ عليه الأمر إثما أي لا ينسب إليه الإثم بسبب الأمر الّذي رآه منه فيحمل ما صدر منه على المحمل الصّحيح أو يعفو عنه و منها ما رواه الكليني (- ره-) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسن قال كتبت الى ابى محمّد عليه السّلام رجل كانت له رحى على نهر قرية و القرية لرجل فأراد صاحب القرية ان يسوق الى قريته الماء في غير هذا النّهر و يعطّل هذه الرّحى ا له ذلك أم لا فوقع عليه السّلام يتّق اللّه عزّ و جلّ و يعمل في ذلك بالمعروف و لا يضرّ أخاه المؤمن و منها الحسن على المشهور في إبراهيم الصّحيح على المختار الّذي رواه الكليني (- ره-) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سالته عن الشي ء يوضع على الطّريق فتمر الدابّة فتنفر بصاحبها فتعقره فقال كلّ شي ء يضرّ بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه و مثله الحسن الذي رواه الشيخ (- ره-) بإسناده عن احمد بن محمّد عن علىّ بن النّعمان عن ابى الصّباح الكناني قال قال أبو عبد اللّه (- ع-)

ص: 331

من أضرّ بشي ء من طريق المسلمين فهو له ضامن و صحيحة البزنطي عن حمّاد عن معلّى بن خنيس عنه عليه السّلام قال من أضرّ بطريق المسلمين شيئا فهو له ضامن بيان الشي ء منوّنا بمعنى يسير فكأنّه قال من أضرّ بطريق المسلمين إضرارا يسيرا فهو وصف للمفعول المطلق و هو إضرارا حذف المفعول و أقيم وصفه مقامه و ذلك جائز كما أشار إليه ابن مالك بقوله و قد ينوب عنه ما عليه دلّ كجدّ كلّ الجد و افرح الجذل و عن بعض الأفاضل (- ره-) انّه قال في معنى هذه الأخبار الثلاثة انّ مقتضى الحديث انّ من أضرّ في الطريق على احد بشي ء فهو ضامن على ان يكون لفظتا الباء و من بمعنى في و يكون المجرور متعلّقا بقوله عليه السّلام أضرّ و يكون الطريق ظرفا للإضرار و يحتمل ان يكون ظرفا للشي ء و يكون المجرور متعلّقا بمحذوف و يكون المعنى من أضرّ شيئا كائنا في طريق المسلمين أو بشي ء كائن فيه فهو ضامن و مئال المعنيين واحد و يمكن ان يكون المجرور بيانا للشي ء و يكون الباء في الحديث الأخر بمعنى من و يكون المعنى من أضرّ بشي ء من الطّريق بان نصب فيه ميزابا أو حفر فيه بئرا أو وضع فيه حجرا أو رشّ فيه ماء أو غير ذلك ممّا يوجب الضّرر على المسلمين فهو ضامن لما يتلف بسبب ذلك الضّرر و الفرق بين هذا المعنى و سابقيه انّ هذا أخصّ منهما لاختصاصه بما إذا كان الضّرر بسبب احداث أمر في الطّريق و عمومها انتهى ثمَّ انّه ربّما يتأمّل في دلالة هذه الأخبار الثلاثة على ما هو المقصود في الباب و يجاب بإمكان الاستدلال بها امّا على الحكم الوضعي فبتقريب أنّ الضّرورة قائمة على عدم الفرق بين الطّريق و غيره و لو عند الفقهاء (- رض-) و امّا على الحكم التكليفي فبقيام الملازمة بين الضّمان من العاقل البالغ المختار العالم العامد في الفعل و بين الحرمة (- فت-) كي يظهر لك كون هذه الأخبار أجنبيّة عن القاعدة كما تنبّه عليه في ذيل شرح الثّاني من تنبيهات المتن إنشاء اللّه تعالى

قوله طاب ثراه مضافا الى (- اه-)

قلت و الى تأيّدها بعمل الأصحاب بل بقاعدة نفى العسر و الحرج كما ذكره بعض الأعلام و تخيّل انّ القاعدة عقليّة لا مدخل فيها للأخبار غلط

قوله طاب ثراه و لم أعثر عليه (- اه-)

قد عثرنا على ذلك فوجدنا صدق النسبة فإنّه (- ره-) قال في أواخر كتاب الرّهن في مسئلة ما لو أقرّ الراهن بعتق عبده المرهون ما لفظه و ثالثها العتق فنقول يجب عليه فكّ الرهن و أداء الدّين فاذا تعذّر و بيع في الدين وجب افتكاكه فان بذله المشترى بقيمته أو بأقلّ وجب فكّه و لو بذله بالأزيد و لو بأضعاف قيمته فالأصحّ وجوب فكّه عليه لوجوب تخليص الحرّ فإنّه لا عوض له الّا التخليص و لا يمكن إلا بالأزيد من قيمته و ما لا يتمّ الواجب الّا به فهو واجب و احتمال عدمه لإمكان استلزامه الضّرر بان يحيط بمال الرّاهن و الضّرر منفي بالحديث المتواتر ضعيف و لا وجه له عندي انتهى

قوله طاب ثراه امّا معنى الضّرر فهو معلوم عرفا (- اه-)

لا يخفى عليك ما في العبارة من المسامحة حيث انّ الابتداء بكلمة امّا يقتضي أن يعطف عليه قوله و امّا الضّرار و قد اكتفى بما في عبارة ابن الأثير من قوله و الضّرار و كيف كان فالضّرر عرفا بل و لغة ضدّ النّفع قال في تاج العروس مازجا بالقاموس الضرّ و يضمّ لغتان ضدّ النّفع أو الضرّ بالفتح مصدر و بالضمّ اسم و هما لغتان كالشهد و الشّهد فاذا جمعت بين الضرّ و النّفع فتحت الضّاد و إذا أفردت الضرّ ضممت إذا لم تستعمله مصدرا كقولك ضررت ضرا هكذا تستعمله العرب كذا في لحن العوام للزّبيدى و قال أبو الدّقيش كلّ ما كان من سوء حال و فقر أو شدّة في بدن فهو ضرّ و ما كان ضدّ النّفع فهو ضر يقال ضرّه يضرّه ضرّا و ضرّ به و أضرّه إضرارا و أضرّ به و ضارّه مضارة و ضرارا بالكسر بمعنى و الاسم الضّرر فعل واحد و الضّرار فعل اثنين و به فسّر الحديث لا ضرر و لا ضرار اى لا يضرّ الرّجل أخاه فينقصه شيئا من حقّه و لا يجازيه على إضراره بإدخال الضّرر عليه و قيل هما بمعنى و تكرارهما للتّأكيد انتهى

قوله طاب ثراه إذا فعل به مكروها (- اه-)

الظّاهر انّ المراد به ما في كلام ابن الأثير من تفسيره بنقص شي ء من حقّه كما يشهد به قوله و قد يطلق على نقص في الأعيان فإنّ مقابلة فعل المكروه بنقص في الأعيان شاهد على انّ المراد بفعل المكروه النقص في حقّه

قوله طاب ثراه و الضّرر فعل الواحد (- اه-)

لا يخفى عليك انّ هذا المعنى لا يلائم جملة من الأخبار المزبورة لعدم تأتّيه في قول النّبي (- ص-) انك رجل مضارّ و لا في قول الصّادق عليه السّلام هذا الضرر

قوله طاب ثراه و قيل الضّرر ما تضرّر به (- اه-)

هذا فرق ثان بينهما و لهذا الاختلاف ادّعى بعضهم إجمال معنى الضّرار و ربّما قيل في الفرق بين اللفظتين انّ الضّرر هو الاسم و الضّرار هو المصدر فيكون المراد بالحديث النّهى عن إيصال الضّرر الى الغير و عن نفس الفعل الّذي هو المصدر و نحن نقول انّ كون الضّرر اسما أو مصدرا لا يغيّر معناه إذ مئال كلّ من الاسم و المصدر في المعنى الى واحد فمعنى الخبر ما سبق نقله من أهل اللّغة إذ هو المتبادر عرفا من ذلك اللّفظ و لا ينافيه إتيان الضّرر بمعنى أخر سواه و الحاصل انّ الضّرر هو ضدّ النّفع و بمعناه الإضرار و امّا الضرار فان قلنا انّ معناه معنى الضّرر و انّهما متّحدان بحسب المعنى كما هو ظاهر بعض أهل اللّغة على ما عرفته فالأمر واضح و ان قلنا بأنّه ليس بمعنى الضّرر بل معناه ما أخذ فيه المجازات أو الاثنينيّة أو انّ معناه ان تضرّ صاحبك من غير ان تنتفع كان مغايرا لمعنى الضرر الّا انّ الظّاهر من رواية هارون بن حمزة المتقدّمة هو عدم اعتبار شي ء من المجازات و الاثنينيّة لكن المعنى الأخير مناسب فيها

قوله طاب ثراه أحدها حمله على النّهى (- اه-)

حكى هذا الوجه عن البدخشى و غرضه انّ الجملة الخبريّة بمنزلة الإنشاء و النفي بمعنى النّهى و المعنى يحرم الضّرر و الضّرار فتكون الأخبار على هذا مسوقة لبيان حكم تكليفي و يساعد على ذلك قول النّبي (- ص-) في قصّة سمرة ما أريك إلّا رجلا مضارّا حيث ذمّه على الإضرار و فعل الضّرر و يقرب من هذا القول ما احتمله الفاضل النّراقي (- قدّه-) في العوائد من بقاء النفي على حقيقته و ورود الخبر لبيان الحكم التكليفي (- أيضا-) بتقدير لفظ فالتقدير لا ضرر و لا ضرار مشروعا أو مجوّزا أو مأذونا فيه في دين الإسلام و نوقش في المعنيين جميعا بانّ حمل النّفي على النّهى و الجملة الخبريّة على الإنشائيّة و كذا الإضمار على الثّاني مع حمل لا النافية للحقيقة على نفى الوصف مجازات لا يصار إليها إلّا مع القرينة و لا قرينة لشي ء من تلك المجازات فلا وجه للحمل عليها لا يقال انا ان سلّمنا عدم القرينة على المعنى الثّاني فالقرينة على الأوّل موجودة و هو الضّرر الواقع في قضيّة سمرة فإنّه قرينة على ارادة بيان حرمة الضّرر لأنّا نقول انّ الضّرر لو كان قد بقي على حاله و لم يقترن بما يمنع عن دلالته صحّ قرينة على المعنى الأوّل الّا انّ المانع قد اقترن به و هو قرينة المقام و هو انّ النّبي (- ص-) لم يكن بصدد بيان حرمة ذلك الضّرر الواقع في تلك القضيّة بل كان بصدد بيان انه ليس في حكم من أحكام الإسلام من حيث هو إسلام ضرر بمعنى انّ شرع الإسلام ليس على وجه الضّرر بان يكون في شي ء من أحكام الإسلام ضرر و (- ح-) لا يبقى للضّرر الواقع صلاحيّة لصيرورته قرينة على ما يدّعى كما هو ظاهر و الحاصل انّ ارادة الحكم التّكليفي من الأخبار لا وجه لها و ربّما يستشهد لعدم ارادة الحكم التكليفي بأمور فمنها انه صلّى اللّه عليه و آله اثبت الشفعة للشّريك في رواية عقبة المزبورة بقوله (- ص-) لا ضرر و لا ضرار و من البيّن انها ليست من الأحكام التّكليفيّة و انما هي من الأحكام

ص: 332

الوضعيّة فحملها على إرادة الحرمة لا يتمّ إذ ليس في موارد الشفعة فعل يتعلّق به الحرمة مع انّ الإمام عليه السّلام أثبتها بحديث الضّرر بيان ذلك على ما افاده حضرة الشيخ الوالد أنار اللّه برهانه في البشرى و مجلس البحث انّه إذا باع الشّريك حصّته من غير شريكه فالفعل الّذي يحتمل النّهى عنه امّا إيقاع العقد أو إبقائه و لا إشكال في عدم حرمة الأوّل و عدم تعقّل تعلّق النّهي بالثّاني إذ الإبقاء انّما هو فعل اللّه عزّ و جلّ دون المكلّف مع انّ حرمة الإبقاء بعد تسليمها لا يستفاد منها ثبوت الشّفعة إذ لا منافاة بين حرمة الإبقاء و عدم ثبوت حقّ الشّفعة للشّفيع و بالجملة لا يمكن استفادة الحكم الوضعي الّذي هو الشّفعة هنا من النّهى المتعلّق بالإبقاء كما انّه لا يمكن استفادة فساد اللّفظ من النّهى المتعلّق ببيع الزّاد و الرّاحلة في حقّ من وجب عليه الحجّ و نظير ذلك النّهى المستفاد من مخالفة الوفاء بالشّروط المأمور به فيما لو اشترى ثوبا و اشترط ان يبيعه البائع ثوبا أخر ثمَّ انّ البائع باعه من غيره فإنّه يحرم البيع الثّاني و مع ذلك يحكم بصحّته و لا يمكن استفادة الحكم الوضعي أعني الفساد من الحكم الطّلبي الّذي هو التحريم و الوجه في ذلك عدم تعلّق النّهي بماهيّة المعاملة و أركانها و انّما تعلّق بأمر خارج فإنّ النّهي عنها انّما هو من جهة النّهي عن عدم الوفاء بالعقد المتحقّق في ضمنها لا من حيث هي كما في البيع الرّبوي و (- كك-) النّهى عن بيع الزاد و الرّاحلة انّما هو من جهة حرمة تفويت الحجّ لا من حيث هو و امّا استفادة فساد الصّلوة و بطلانها من النّهى عن إيقاعها في المكان المغصوب و اشتراط اباحة المكان بهذا النّهى فإنّما هي من جهة عدم حصول الامتثال بالأمر المتعلّق بالصّلوة و مرجعه الى عدم جواز اجتماع الأمر و النّهى لا من مجرّد دلالة النّهى على الفساد كما لا يخفى و منها انّ الفقهاء (- رض-) يستدلّون بهذه الأخبار على ثبوت الخيار للمغبون و غيره من ذوي الخيار و لا ريب في انّ ثبوت الخيار للمغبون و غيره ليس من الأحكام التكليفيّة في شي ء لعدم حرمة البيع المشتمل على الغبن و المبيع المعيوب و نحو ذلك بل نزيد على ذلك و نقول انّ الخيار انّما يثبت في صورة الغفلة حين العقد عن الغبن و العيب و نحوهما و من البيّن عدم الحكم التكليفي في حال الغفلة فلا يتأتّى (- ح-) حمل الأخبار على ارادة بيان الحكم التّكليفي و منها انّه لو كانت الأخبار مسوقة لبيان الحكم التّكليفي أعني حرمة الضّرر لم يصحّ ما تداوله الفقهاء (- رض-) من الاستدلال بها على نفى وجوب الوضوء عند العلم بالضّرر أو خوفه و نفى وجوب الحجّ عند العلم بالضّرر في الطريق و نحو ذلك بل لزم قصر اجراء القاعدة على أفعال العباد إذ لا معنى لقولك في أمثال الوضوء و الحجّ و نحوهما و يحرم إيجاب الوضوء و نحوه على اللّه سبحانه و منها انّ من المقرّر في محلّه انّ الاستدلال بقاعدة الضّرر لإثبات الخيار للمغبون و الشفعة للشّريك و نحوهما انّما هو مبنى على كون المراد بالضّرر النّوعي منه ضرورة انّه قد لا يكون الغبن ضررا بالنّسبة إلى مغبون و قد لا يكون عدم الشّفعة ضررا على شريك و ذلك مناف لجعل لا بمعنى النهي إذ النّهي لا يتوجّه الّا الى الأشخاص دون الأنواع الّا ان (- يق-) انّ النّهى انّما يتعلّق بالأشخاص في ضمن الأنواع ألا ترى الى انّ الحرمة في قوله تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهٰاتُكُمْ قد توجّهت الى كلّ فرد فرد في ضمن النوع (- فت-) و منها انّ قوله (- ص-) في الإسلام كما في بعض طرق الحديث لا يناسب كون لا بمعنى النّهي إذ الإسلام عبارة عن الأحكام فيصير المعنى يحرم فعل الضّرر في الأحكام و لا خفاء في ركاكته لانّ ذكر في الإسلام (- ح-) غير ملائم امّا لو كان بالمعنى الأخر فيكون المعنى انّه لم يجعل الشّارع في الإسلام حكما يلزم منه الضّرر على احد يعنى انّ الحكم المشتمل على الضّرر ليس من الإسلام و لا من أحكامه المجعولة

قوله طاب ثراه الثّاني (- اه-)

النّفي على هذا التقدير يكون باقيا على حقيقته و يكون الكلام استعارة فكأنّه في مقام دعوى انّ الضّرر المتدارك ليس بضرر كادّعاء انّ الرّجل الشجاع أسد فلا يلزم إضمار الّا انّ فيه ما سيشير اليه الماتن (- ره-)

قوله طاب ثراه الثالث (- اه-)

قد صدر منهم وجهان اخران رابع تقدّم في ذيل الكلام على الأوّل و خامس و هو كون المراد نفى الضّرر في الأحكام الواقعيّة الأولية يعنى انّ الأحكام الواقعيّة كلّها منافع بالنّسبة إلى المكلّفين لا ضرر فيها أصلا و فيه انّ هذا المعنى غير منساق من اللّفظ بوجه سيّما بمعونة النّظر في مواردها مثل قضيّة سمرة و رواية عقبة و رواية التشريك في الرّأس و الجلد كما هو ظاهر

قوله طاب ثراه ان يراد به نفى الحكم الشّرعي (- اه-)

حاصل هذا المعنى انّه ليس من احكام دين الإسلام ما يوجب ضررا فكلّ ما تضمّن ضررا ليس منها و لا من مجعولات الشّارع فلم يرض اللّه سبحانه لعباده بضرر لا من جانبه تعالى و لا من جانب بعضهم بالنّسبة إلى أخر ممّا فيه ضرر غير مرضى عنده سبحانه

قوله طاب ثراه و ان قال به بعض الفحول (- اه-)

هذا البعض هو الفاضل النّراقي (- ره-) في عوائده

قوله طاب ثراه لانّ الضّرر الخارجي (- اه-)

قد نوقش في الاحتمال الثّاني بوجوه أحدها انّه مجاز لا يصار اليه الّا بدليل مفقود في المقام ثانيها ما افاده الماتن (- ره-) و حاصله انّ مجرّد أمر الشّارع بتدارك الضّرر بعد وقوعه لا يجعله بمنزلة العدم و لو تنزيلا بل التنزيل انّما يصحّ بعد تحقّق التّدارك بالفعل و توضيح ذلك انّ الضّرر الواقع الصّادر من المكلّف لا يتدارك بأمر الشّارع بالتّدارك حتّى ينزّل منزلة عدمه بخلاف ما لو كان حكم الشارع في واقعة حكما ضرريّا فإنّه يمكن تداركه بحكم أخر مثل تجويز الشّارع قتل خمسة مشتركين في قتل واحد فإنّه متدارك بحكمه بلزوم دفع أربعة أخماس الدّية إلى وليّ كلّ واحد منهم و بالجملة الضّرر المتدارك فعلا غير الضّرر المحكوم بلزوم تداركه و التّنزيل انّما يصحّ في الأوّل دون الثّاني فهو الأقرب الى المعنى الحقيقي أعني نفى حقيقة الضّرر دونه

قوله طاب ثراه مضافا الى انّ ظاهر قوله (- ص-) (- اه-)

هذه هي المناقشة الثّالثة على الاحتمال الثّاني و توضيحها انّ الظّاهر انّ قوله صلّى اللّه عليه و آله في الإسلام متعلّق بالضّرر فهو ظرف له و الإسلام عبارة عن الأحكام و لا شكّ في انّ الأحكام ليست ظرفا للافعال المشتملة على الضّرر الغير المتدارك إذ لا معنى لمثل قولنا ليس أفعال مشتملة على الضّرر في الأحكام الشّرعيّة اللهمّ الّا ان يجعل كلمة في للسّببيّة فيكون المراد انّه ليس أفعال مشتملة على الضّرر الغير المتدارك بسبب الأحكام الشّرعيّة و ذلك لحكم الشّارع بالتّدارك و هو كما ترى لانّ جعل كلمة في للسّببيّة تجوّز مفتقر الى الدّليل كما لا يخفى

قوله طاب ثراه مع انّ اللّازم من ذلك (- اه-)

هذه هي المناقشة الرّابعة و توضيحها انّه على تقدير حمل الضّرر المنفيّ في الأخبار على الضّرر الغير المتدارك لا يصحّ التمسّك بها لنفى الحكم الضّرري المتعلّق بالمكلّف مثل نفى وجوب الوضوء لإثبات التيمّم عند التضرّر من استعمال الماء و مثل نفى وجوب الحجّ مع العلم بالضّرر أو ظنّه في الطريق فانّ الشّارع لم يجعل للضّرر الواقع فيهما تداركا و المعنى المذكور للحديث مقتضاه الأخبار عن انّ كلّ ضرر متدارك بحكم الشّرع و ليس ضرر غير متدارك فلازم ذلك

ص: 333

ان يكون ضرر الوضوء الحاصل من استعمال الماء متداركا و ليس (- كك-) و (- ح-) فلا ينطبق الحديث على ارتفاع الوضوء و وجوب التيمّم فكان اللّازم ان لا يتمسّكوا به مع انّهم لم يفرّقوا في الاستدلال بالقاعدة المستفادة من ذلك الحديث بين الضّرر المتعلّق بنفس المكلّف و غيره كما عرفت و هناك مناقشة خامسة تأتي من الماتن (- ره-) في التنبيه الثّاني إنشاء اللّه تعالى

قوله طاب ثراه مع انّ العلماء لم يفرّقوا في الاستدلال بالقاعدة (- اه-)

في هذه العبارة إيماء إلى انحصار مستند القاعدة في الأخبار المزبورة ضرورة انّه لو كان لها مستند أخر لكان للخصم ان يبنى عدم فرقهم على ذلك المستند دون الأخبار و هذا الّذي يستفاد من العبارة هو الحق السّديد و ربّما يحكى عن بعضهم الاستناد في إثبات القاعدة إلى العقل و الكتاب (- أيضا-) و ردّ بانّ العقل لا حكم له بما يساوق مدلول الأخبار و الكتاب العزيز لم يشتمل ممّا يناسب ذلك على شي ء إلّا أية نفى العسر و الحرج لو ادّعى انّ كلّ عسر ضرر على ما توهّم و هو ممنوع نعم لو كان العسر خارجا عن طوق البشر أمكن صدق الضّرر عليه

قوله طاب ثراه و امّا المعنى الأوّل فهو مناف (- اه-)

قد تقدّم في ذيل المعنى الأوّل نقل المناقشات الصّادرة منهم فيه و الى بعضها أشار الماتن (- ره-) بهذه العبارة فلاحظ ما مرّ و تدبّر

قوله طاب ثراه فتبيّن ممّا ذكرنا انّ الأرجح في معنى الرّواية بل المتعيّن هو المعنى الثالث (- اه-)

وجه التعيّن عدم محذور فيه أصلا و عدم مخالفته لظاهر اللّفظ ضرورة بقائه على حقيقته من نفى حقيقة الضّرر في الأحكام لكن لا يخفى عليك انّ عليه لا يمكن الاستدلال بالقاعدة على إثبات حكم وضعيّ الّا ان يكون نفى الحكم المشتمل على الضّرر مستلزما لثبوت حكم وضعيّ مثل نفى لزوم البيع و عدم وجوب الوفاء به مع الغبن فإنّه مستلزم لثبوت الخيار للمشتري و كون العقد جائزا بالنّسبة إليه فتأمّل

[في التنبيه على أمور سبعة]

[الأول في أن دليل القاعدة حاكم على عموم أدلة الكتاب]

قوله طاب ثراه و ينبغي التنبيه على أمور (- اه-)

قد أهمل (- قدّه-) أمورا ينبغي التنبيه عليها تكميلا للفائدة و تتميما للعائدة الأوّل انه ليس في الكتاب و السّنة ما يعارض هذه القاعدة على وجه الكلّية بحيث يدلّ على ثبوت الضّرر في الأحكام على وجه العموم نعم ربما يوجد في موارد خاصّة ما يكون مخصّصا لهذه القاعدة و امّا الأحكام المثبتة للتّكاليف و إن كانت مشتملة على الضّرر فقد نبّه الماتن (- ره-) على حكومة القاعدة عليها و سنشرحه (- إن شاء الله-) (- تعالى-) فلا تعارض بينهما و ذلك لا اشكال فيه و انّما الإشكال في انّه قد تقرّر في محلّه انّه إذا كثر التّخصيص على العام أوجب ذلك الوهن في دلالته و لم يمكن التمسّك بعمومه فيما شكّ في اندراجه تحته إلّا إذا انجبرت دلالته بعمل الأصحاب و لا ريب في انّ الحال في هذه القاعدة على هذا المنوال لكثرة ورود التخصيصات عليها فيلزم إيقاف العمل بها على الانجبار بعمل الأصحاب و من هنا توقّف الفاضل التوني (- ره-) عن إثبات الضّمان بالقاعدة نظرا الى عدم تمسّك احد من الفقهاء (- رض-) من زمن الشيخ (- ره-) الى يومنا هذا بها في باب الضّمانات و الّذي يستند إليه في الحكم بتوقّف العمل بالعام الموهون بكثرة التخصيص على الجبر بعمل الأصحاب أمران أحدهما انّ العمل بالعمومات سيّما ما كثر عليه التخصيص مشروط بالفحص عن المخصّص في مظانّه الى ان يحصل الياس منه و لا ريب في انّ مظانّ مخصّصات هذه القاعدة ليست مضبوطة حتّى يرجع إليها فإنّ أكثر مخصّصات هذه القاعدة ممّا ثبت بالإجماع و لم يثبت بالكتاب و السّنة إلّا أقلّ قليل منها و لمّا كثر ذلك صار الحال الى انّ كلّ مورد لم يعلم بدخوله و لا خروجه يحصل الضّمان بانعقاد الإجماع على خروجه من تحتها نظرا الى الغالب من انعقاد الإجماع على خروج المستثنيات ففي مورد الشك فيه لا بدّ من الرّجوع الى عمل الأصحاب سيّما مثل الشّيخ (- ره-) و الفاضلين و الشهيدين (- قدّهم-) و أضرابهم حتى يزول الظنّ القائم على خروج المورد عن تحت القاعدة لأنّ ذلك الظنّ موهن لظهور العام بالنّسبة الى ذلك المورد المشكوك فيه و قد تسبّب من كثرة التّخصيصات الحاصلة بالإجماع فلا بدّ من جبر دلالته من ازالة ذلك الظنّ و (- ح-) فان قلنا بكفاية عدم اعراضهم في انجبار وهن الدّلالة المسبّب من الظنّ بخروج مورد الشكّ عن تحت القاعدة فهو و الّا فلا بدّ من ثبوت عملهم به فعدم اعراضهم أو ثبوت عملهم في مورد الشكّ يكشف عن عدم تخصيص ذلك المورد و إخراجه عن تحت العام فيحصل للعامّ ظهور بالنّسبة إليه فإن قلت ان بلغ كثرة ورود التخصيصات إلى مرتبة الاستهجان سقط العام عن درجة الاعتبار و كان استعماله في الخاصّ من اردء الاستعمالات لاشتماله على استعمال اللّفظ في أبعد المعاني المجازيّة فليحمل قوله (- ص-) لا ضرر و لا ضرار على احد المعاني المزبورة من ارادة تحريم الإضرار و نحوه دون نفى الحقيقة المستلزم المستهجن على ما هو المفروض و ان لم تبلغ الى تلك المرتبة فلا معنى للفرق بين هذه القاعدة و سائر العمومات المخصّصة بتخصيصات كثيرة و لا وجه لتخصيص الوهن في الدّلالة بهذه القاعدة بل يلزم ان يعتبر فيها ما يعتبر في سائر العمومات من لزوم الفحص و غيره قلنا انّه لا إشكال في ورود تخصيصات كثيرة عليها و انّه موجب للوهن في دلالتها لكن ورود تخصيصات كثيرة يتصوّر على وجهين أحدهما ان لا يبقى بعد التخصيص الّا فردا و فردان أو افراد يسيرة غير معتدّ بها كالثّلثة في جنب العشرين ثانيهما ان يبقى افراد معتدّ بها في أنفسها كالتسعة بالنّسبة إلى العشرين فإنّه و ان كان الباقي أقلّ من النّصف (- ح-) الّا انّه في نفسه عدد معتدّ به و الاستهجان انّما هو في الأوّل دون الثاني فلا يتّصف بالاستهجان و (- ح-) نقول لا ريب في انّ الباقي تحت هذه القاعدة بعد التخصيصات الكثيرة المخرجة لأكثر افرادها افراد معتدّ بها فلا استهجان من هذه الجهة و امّا تطرّق الوهن إليها من جهة كثرة التّخصيص فهو يزول بالرّجوع الى عمل الأصحاب فلا يمكن قياس هذه القاعدة بالعمومات الّتي كثر التخصيص إليها بحيث أوجب الاستهجان و لا العمومات الّتي لم يكثر تطرّق التخصيص إليها ثالثهما حصول العلم إجمالا بعدم بقاء هذا العموم على حاله بمعنى انّا قد علمنا إجمالا بورود تخصيصات كثيرة عليه بحيث لا يطمئنّ بعدم كون المورد الّذي يراد اجراء حكم العام عليه مخرجا من تحته الّا بعد ثبوت عمل الأصحاب به في ذلك المورد لا بمعنى انّ عمل الأصحاب فيه موجب لازالة العلم الإجمالي و رفعه حتّى يمنع من ذلك بل بمعنى انّ أطراف العلم الإجمالي انّما هو ما عدى موارد

عمل الأصحاب فهي ليست داخلة في أطراف العلم الإجمالي من أوّل الأمر الّا انّه قبل الفحص عن عملهم كان هذا المورد المشكوك محتمل الدّخول في جملة تلك الموارد التي لم يعمل الأصحاب به فيها و هي الّتي كانت أطراف العلم الإجمالي فبعد الفحص و تحقّق عملهم بالعام فيه يكشف ذلك عن عدم دخوله في أطرافه لا انّ الفحص يزيل العلم الإجمالي من أصله حتّى يمنع ذلك هذا كلّه ما افاده حضرة الوالد العلّامة أنار اللّه برهانه في مجلس البحث و البشرى و أقول لا يخفى عليك انّ لازم الوجه الأوّل من الوجهين اللّذين استدلّ بهما على اعتبار عمل الأصحاب في الأخذ بهذه القاعدة هو كفاية عدم اعراضهم عنها و ان لم

ص: 334

ينصّوا على الأخذ بها ضرورة كفاية ذلك المقدار في الفحص المعتبر في العمل بالعام و لازم الوجه الثاني هو اعتبار عملهم بها و عدم كفاية سكوتهم فالوجهان مختلفا المؤدّى و نحن نقول انّه لا يعتبر في العمل بالعموم المذكور سوى ما يعتبر في سائر العمومات من الفحص عن المخصّص و ذلك لا يقتضي شرطيّة العمل بل و لا مانعيّة مجرّد سكوتهم عن التمسّك به بل و لا فتوى جمع غير معتدّ به منهم بخلاف مؤدّاه نعم اعراضهم عنه و تنصيصهم على عدم الأخذ به متى تحقّق يوجب وهنه كما في سائر الأخبار المظنونة الصّدور و الوجه الأوّل من الوجهين المذكورين لا ينافي ما قلناه و امّا الثّاني فالجواب عنه منع تحقّق تخصيص الأكثر المورث للوهن في العام المذكور المحوج الى الجبر بالعمل لاحتمال كون خروج المستثنيات من باب التخصيص النّوعي لا الفردي و قد حكى عن بعض الأواخر ما يوافق ما ذكرنا موضحا له بأنّه يحتمل ان يكون جميع المستثنيات مندرجة تحت نوع واحد و يكون الإفراد الباقية تحت العامّ مندرجة تحت أنواع كثيرة و يكون إخراج نوع من تحت ما هو عامّ بالنّسبة إلى الأنواع من قبيل تخصيص الأقلّ و إن كان افراد النوع المخرج أكثر من افراد كلّ من الأنواع الباقية تحت العام بل الحال (- كك-) لو كانت أكثر من افراد جميع الأنواع الباقية فلا يتوجّه في مثل ذلك وصمة تخصيص الأكثر حتى على القول بعدم جوازه و توهّم انّ حمل العام على استغراق الأنواع مجاز لا يصار اليه الّا بدليل لظهوره في عموم اشخاص الأفراد دون أنواعها مع انّه موجب لإجمال العامّ في خصوص المقام لعدم العلم بكون المستثنى من اىّ نوع من أنواع الضّرر المقصودة بقوله (- ص-) لا ضرر فهو من قبيل المخصّص بالمجمل مدفوع بأنّه ليس غرضنا من التخصيص النوعي تخصيص نوع الأفراد المستثنيات بل المراد تخصيص افراد نوع واحد لا على ان يكون المخرج هو الكلّى الجامع بين الأفراد بل على ان يكون المخرج اشخاص الأفراد المندرجة تحت نوع واحد و دعوى عود المحذور من تخصيص الأكثر المستهجن مدفوعة بمنع استهجان هذا القسم في أنظار أهل العرف فانّا و ان قلنا باستهجان تخصيص الأكثر إلّا انّا لا نقول به (- مط-) بل نستثني منه جملة من الموارد كوقوعه في مقام المزاح و نحوه و ليكن هذا من تلك الجملة و يشهد لما ذكر تمسّك النّبي (- ص-) بعموم نفى الضّرر في قضيّة سمرة و تمسّك الصّادق (- ع-) به في إثبات الشّفعة كما سمعت ذلك في طيّ أخبار القاعدة و لا شكّ في انّ العموم لو كان من قبيل المخصّص بالأكثر المستهجن في أنظار أهل العرف لم يكن وجه لتمسّك أهل العصمة سلام اللّه عليهم به فتمسّكهم به مع ورود تخصيصات كثيرة عليه يكشف عن عدم ورود تخصيص الأكثر عليه بان يكون العام قد استعمل في استغراق الأنواع فيكون المستثنى هو النّوع دون الأشخاص و يكون تمسّك أهل العصمة عليهم السّلام كاشفا عن كون الاستعمال مجازيّا و عن كونه مقرونا بقرينة أو يكشف عن عدم استهجان تخصيص الأكثر في خصوص المقام لما بيّناه من كون المستثنى الأشخاص المندرجة تحت نوع واحد بلحاظ اندراجها تحته أو نقول انّ خروج أكثر الأفراد مع بقاء قدر معتدّ به من الأفراد بعد التّخصيص لا استهجان فيه و بالجملة فنحن ننكر تحقّق تخصيص الأكثر الموهن لدلالة العام هنا المحوج الى الانجبار بالعمل و على مدّعيه الإثبات و دونه خرط القتاد الأمر الثّاني انّه لا ريب في انّ الضّرر المنفيّ لم يثبت فيه حقيقة شرعيّة و لا متشرّعيّة بل هو أمر عرفي؟؟؟ فكلّ ما أطلق عليه اسمه في العرف كان من المنفيّ و ما لم يطلق عليه اسمه كتلف حبّة حنطة و قشر جوزة أو شك في إطلاق الاسم عليه كان خارجا عنه و إن كان ضررا عند تدقيق النّظر و يختلف ذلك باختلاف الأشخاص و الأزمنة و الأمكنة و الظّاهر عدم ثبوت النّقل عن معناه اللّغوي فيتطابق العرف و اللّغة فيه و قد عرفت فيما سبق انّ الضّرر عرفا و لغة عبارة عن نقص المال الموجود و (- ح-) فلا يصدق الضّرر على قلّة النّفع و لا الإضرار على المنع من الانتفاع بالمباحات كالمنع عن حيازة الحطب المباح و نحو ذلك و كذا لا إشكال في حكمه التّكليفي الّذي هو الحرمة إذا اندرج في عنوان أخر من عناوين المحرّمات كما لو حقّق المنع عن تحصيل المنفعة في ضمن الجنس و نحوه ممّا يندرج في عنوان الإيذاء الّذي هو محرّم قطعا لكن يشكل الحال فيما لو لم يندرج المنع عن المنفعة في عنوان محرّم كما لو أرسل الماء إلى الإجام فمنع الحطّابين من الاحتطاب

منها و نحو ذلك ممّا لا يندرج تحت عنوان محرّم لم يحكم بحرمته على الأظهر للأصل بعد عدم الدّليل عليه ثمَّ اعلم انّ الظّاهر عدم الفرق في الضّرر المنفي بين قليله و كثيرة الّا ان يكون القلّة بحيث يوجب عدم صدق الضّرر عليه عرفا كحبّة حنطة مثلا فإنّه لا يكون مجرى للقاعدة لما عرفت من كون المرجع هو العرف الأمر الثّالث انّه لا فرق في الضّرر المنفيّ بين المالى و البدني و العرضي لشمول إطلاق اللّفظ لها عرفا مضافا الى شهادة قوله (- ص-) في قضيّة سمرة ما أريك إلّا رجلا مضارّا عليه فانّ النّبي (- ص-) انّما قال ذلك لدخول سمرة على الأنصاري و اهله في حال يكره دخوله عليهم و من هنا علم حرمة الشّتم (- أيضا-) لكونه ضررا متعلّقا بالعرض مشمولا للعموم المذكور و امّا إتيان فعل يوجب حطّ رتبة الرّجل و نقص شانه و زوال وقعه عن القلوب ففيه اشكال من انّه ضرر عليه لحطّ شانه و من عدم صدق الضّرر عليه عرفا و إن كان الحرمة من حيث كونه اهانة أقرب لكن شمول القاعدة له محلّ تأمّل الأمر الرّابع انّ ظاهر الأخبار المزبورة هو كون المراد بالضّرر المنفيّ الضّرر الشخصي دون النّوعي لأنّه المتبادر المنساق من لفظ الضّرر عرفا فلا يجوز نفى الحكم الضّرري عن الجميع بتضرّر واحد منهم بل و لا بتضرّر أكثرهم بل ينفى في حقّ من تضرّر منهم خاصّة و يشهد بذلك تمسّك الفقهاء (- رض-) بالقاعدة في العبادات حيث انّ الضّرر فيها لا يكون الّا شخصيّا الا ترى انّهم لا ينفون وجوب الوضوء عن الجميع بسبب تضرّر واحد به فلو تضرّر باستعمال الماء مكلّف لمرض و نحوه و لم يتضرّر به غيره لم يحكم بترك غير المتضرّر الوضوء و ان كان فيه (- أيضا-) ذلك المرض الموجب لتضرّر صاحبه و من هنا يتفاوت الأشخاص في قيمة ماء الوضوء و استعداد المزاج فمن تضرّر ببذله تيمّم و من لم يتضرّر اشترى الماء و توضّأ به و بالجملة فمدار نفى الحكم التكليفي في باب العبادات على حصول الضّرر الشّخصي دون النوعي و امّا المعاملات فقد استقرّ بناء الفقهاء (- رض-) على الاكتفاء في نفى الحكم الضّرري عن الجميع بحصول الضّرر النّوعي حيث تريهم يحكمون بتشريع الخيار للمغبون و الشّريك و ثبوته في البيع المشتمل على العيب و أمثال ذلك حتّى في حقّ من لا يتضرّر بالغبن و العيب و عدم الشفعة و نظرهم في ذلك الى كون نوع البيع المشتمل على الغبن و العيب مثلا موجبا للضّرر و نوع بيع العقار المشتركة من دون حقّ للشريك في الشّفعة موجبا له و ينكشف ذلك من بعض الأخبار (- أيضا-) كرواية عقبة المزبورة الدالّة على انّ الحكمة في شرع نوع الشفعة انّما هو نفى الضّرر لكنّا نقول انّ اللّازم انّما هو اتباع ظواهر الأخبار و قد عرفت انّ ظاهرها اعتبار الضّرر الشخصي فهو الأصل في كلّ مقام و لا يعدل عنه

ص: 335

إلّا بدلالة دليل في مورد على اعتبار النّوعي منه (- أيضا-) فيه ففي المقامات المذكورة يكون الخبر الخاصّ و عمل الأصحاب قرينة على ارادة الضّرر النّوعي فيخرج عن مقتضى الأصل بذلك و يكون دخوله في مؤدّى القاعدة من باب الادّعاء تنزيلا للنّوعى منه منزلة الشخصي كما ارتكب ذلك في قوله تعالى وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ و قوله سبحانه يُرِيدُ اللّٰهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لٰا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ حيث انّ الظّاهر منه نفى العسر الشخصي و كونه المدار في رفع الحكم و قد أدرج فيه اعتبار العسر النّوعي في بعض المقامات لدليل من باب التنزيل و الحاصل انّ كلّ مورد ثبت فيه اعتبار الضّرر النّوعي كما في المعاملات فهو و الّا فيعتبر الشخصي منه كما في العبادات فثبوت الضّرر في طريق الحجّ بالنّسبة الى أكثر المكلّفين لا يوجب سقوطه عمّن لا ضرر عليه فيه أصلا و كذا في الوضوء و الصّيام و نحو ذلك هذا و لكن يتوجّه الى ما ذكرنا اشكال و هو ان التمسّك بالقاعدة لنفي الضّرر النّوعي بعد القطع و الاعتراف بكون المراد من الأخبار الضّرر الشّخصي مستلزم لإرادة المعنى الحقيقي و المجازي من اللّفظ و التنزيل ادّعاء لا يجوّزه و يمكن الجواب بانّ اعتبار الضّرر النّوعي يثبت برواية الشّفعة بخصوصها و عمل الأصحاب (- فت-) جيّدا

قوله طاب ثراه انّ دليل هذه القاعدة (- اه-)

شرح الحال في هذا المقال يستدعي وضع الكلام في جهات الأولى انّ هذه القاعدة هل هي من قبيل الأصول أو من سنخ الأدلّة و تظهر الثّمرة في قابليّتها لتعارض العمومات على الثّاني لكونها في رتبتها بخلافها على الأوّل لارتفاع موضوعها بقيام الدّليل اللّفظي فنقول لم نجد من صرّح بكونها من قبيل الأصول و انّما المحكى عن ظاهر بعض الأواخر وجود متوهّم لذلك بل عن أخر انّ القول بذلك لازم كلّ من قال بإمكان تدارك الضّرر المترتّب على العمل بالثواب الأخروي و النّفع الدنيوي من جانبه (- تعالى-) كدفع بليّة و زيادة نعمة و طول عمر و أمثال ذلك كما هو الظّاهر من اخبار الزكاة و سائر أنواع الصّدقات و اياتها إذ معناه عدم تحقّق موضوع الضّرر (- ح-) كما يظهر من الفاضل النّراقي (- قدّه-) في العوائد فيكون الضّرر عبارة عن النّقص الخالي عن مصلحة جابرة له فاذا ثبت الثّواب ارتفع موضوعه و لا ريب في تحقّق ثبوت الثّواب بقيام دليل معتبر على الأخر بذلك الفعل ضرورة كشف الأمر عن وجود مصلحة جابرة لذلك الضّرر رافعة لموضوعه غير المثوبة الحاصلة بامتثاله كما حقّق في محلّه و لا فرق بين كون ذلك الأمر مثبتا لنفس الضّرر كالأوامر المثبتة للزكاة و الخمس و الحجّ و الجهاد و نحو ذلك أو مثبتة لما يشمل ما فيه ضرر كالأمر بالوضوء الشّامل بإطلاقه لصورة تضرّر المكلّف باستعمال الماء فكلّ مورد ضرريّ يتناوله الدليل امّا بالخصوص أو بعمومه أو إطلاقه فتناول الدّليل له يكشف عن وجود المصلحة الفائتة فلا تشمله القاعدة (- ح-) إذ المفروض خروج ما بإزائه نفع دنيوي أو أخروي عن موضوع الضّرر فينحصر جريان القاعدة بالموارد الغير المشمولة للأدلّة الشرعيّة كما هو الحال في سائر الأصول العمليّة هذا محصّل ما حكى عن البعض المذكور و قد فرّع عليه سقوط ما ذكره الفاضل النّراقي (- قدّه-) و بعض من وافقه و وجه الاندفاع على ما ذكره انّه بعد تسليم شمول أدلّة الوضوء و الحجّ بعمومها لما فيه الضّرر البدني لم يبق شك في وجود ما يتدارك به الضّرر حتّى يدفع بالأصل فكيف بالقطع بانتفائه كيف لا و لو فرض أمر الشّارع بالخصوص من يتضرّر باستعمال الماء في الوضوء لم يمكن دعوى قبح هذا الأمر بل الأمر (- ح-) يكشف عن وجود مصلحة في الفعل فائقة على الضّرر الحاصل منه و لا ريب في عدم الفرق بين ما يأمر به الشارع بالخصوص أو بالعموم و بالجملة لازم كلّ من قال باندفاع الضّرر بتداركه في الدنيا أو العقبى هو كون القاعدة عنده من قبيل الأصل دون الدّليل و إن كان القائل بذلك لم يتفطّن لما هو لازم مقالته هذا و لكن قد اعترض على مقالة هذا البعض أوّلا بمنع استلزام القول بإمكان تدارك الضّرر بنفع دنيوي أو أخروي للقول بكون القاعدة من الأصول فإنّ الأصل عبارة عمّا كان نظره الى الظّاهر و أخذ في موضوعه الجهل بالواقع سواء قلنا باعتبار الأصول من باب الظنّ أو من باب التعبّد و لا ريب في انّ اخبار نفى الضّرر ناظرة إلى الواقع فلا وجه لعدّ قاعدة تناهذه من الأصول و مجرّد كون موضوع القضيّة مقيّدا و ارتفاعه بارتفاع قيده بدلالة دليل أخر لا يقضى بكونه أصلا و ثانيا بانّ الحكم بعدم الفرق بين ما يأمر به الشارع بالخصوص أو على وجه العموم مدفوع بأنّه لم يمعن النّظر في أطراف عبارات العوائد و الّا فهو قد تعرّض فيها لبيان الفرق حيث قال بقي هاهنا أمر أخر و هو انّ الضّرر كما مرّ هو ما لم يكن بإزائه عوض و العوض كما أشرنا إليه يعمّ الأخرويّ (- أيضا-) و العوض الدّنيوي ممّا يمكن درك وجوده أو انتفائه بخلاف الأخرويّ فعلى هذا فكيف يمكن فهم انّ الضّرر الّذي يتضمّنه الحكم الفلاني لا عوض له حتّى يكون ضررا و دفعه انّ الضّرر هو الّذي لم يكن بإزائه عوض معلوم أو مظنون و احتمال العوض لا ينفى صدق الضّرر مع انّ العوض الأخرويّ معلوم الانتفاء بالأصل ثمَّ قال فان قيل هذا يتّضح إذا لم يكن الحكم المتضمّن للضّرر داخلا في عموم دليل شرعي و امّا إذا كان داخلا فيه سيّما إذا كان من باب الأوامر و أمثاله يثبت العوض و يلزمه عدم تعارض نفى الضّرر مع عمومه مع انه مخالف لكلام القوم مثلا إذا ورد إذا استطعتم فحجّوا و إذا دخل الوقت فصلّوا يدلّ بعمومه على الأمر بالحجّ و الصّلوة في كلّ وقت حصل فيه الاستطاعة أو دخل الوقت و ان تضمّن ضررا كلّيا و الأمر يدلّ على العوض فلا يكون ضرر قلنا الأمر تعلّق بالحجّ و الصّلوة و لازمه تحقّق الأجر المقابل لمهيّة الحجّ و الصّلوة المتحقّق في حال عدم

الضّرر (- أيضا-) و امّا حصول عوض في مقابل الضّرر و أجر فلا دليل عليه نعم لو كان نفس الضّرر ممّا أمر به لحكم بعدم التعارض و عدم كونه ضررا كما في قوله إذا ملكتم النّصاب فزكّوا و أمثاله انتهى فاندفع اعتراض البعض على الفاضل النّراقي (- ره-) نعم لقائل منع الفرق بين الأمر على وجه الخصوص و الأمر على وجه العموم بما ذكره ضرورة كشف الأمر على وجه العموم (- أيضا-) عن مصلحة كامنة لعدم تعقّل الأمر بشي ء و لو عموما من دون مصلحة (- فت-) جيّدا و ربّما استفاد هذا البعض القول بكون قاعدتنا هذه أصلا من كلام للفاضل القميّ (- ره-) و لا يهمّنا التطويل بنقله فمن شاء ذلك فليراجع بشرى الوالد العلّامة أنار اللّه تعالى برهانه و أعلى في جنان الخلد مقامه و بالجملة فكون القاعدة من الأصول في نهاية السّخافة و لا أظنّ التزام احد به و اللّه العالم الثانية انّه بعد كون القاعدة من سنخ الأدلّة فالأظهر انّها من الأدلّة النقليّة و ظاهر كلام صاحب العناوين (- ره-) كونها عقليّة (- أيضا-) حيث قال الظّاهر من سياق الخبر انّ عدم تجويز ذلك ليس محض التعبّد الشّرعي بل انّما هو شي ء يمنع منه العقل (- أيضا-) و مناف للحكمة كذلك فكما هو قبيح غير مجوّز بالنّسبة إلى المكلّفين فكذا الحكيم على الإطلاق فإنه (- أيضا-) لا يصدر منه مثل ذلك فيصير المعنى انّ الضّرر و الضّرار غير مجوّز بل هو قبيح و يكون القضيّة مسوقة مساق قاعدة عقليّة و من هنا يتّجه ان نستدلّ على هذه القاعدة مضافا الى النّصوص بدلالة العقل (- أيضا-) فانّ الضّرر و الإضرار مناف للعطف و العدل على ما يفهم من معناهما و مثل ذلك غير مجوّز عقلا أيضا انتهى و هو كما ترى ضرورة

ص: 336

انّ العقل انّما يقبح الإضرار إذا كان الضّار قاصدا له و امّا مع عدم قصده اليه فحكمه بالقبح ممنوع و موارد إجراء القاعدة أعمّ ممّا صدر عن قصد و التفات و ما صدر لا به فالدّليل لا يثبت تمام المدّعى فتأمّل و امّا قبحه من اللّه سبحانه فلو سلّم فإنّما يتمّ على تقدير عدم تداركه بما هو أصلح لحال العبد امّا مع كون الأمر بالفعل الضّرري لدفع ضرر أشدّ منه بدنيّا كان أو ماليّا أو لجلب نفع الى العبد أو لمجرّد الابتلاء فلا قبح فيه أصلا و مع قيام الاحتمال لا يصحّ للعقل ان يحكم بقبح الضّرر بمجرّد انّه ضرر لما عرفت من انّ الأمر به يمكن ان يصدر من الشارع لدفع ضرر أشدّ أو لجلب منفعة أهمّ فلا يجوز للعقل ان يحكم بقبح الأمر بشي ء بمجرّد كونه من قبيل ما فيه ضرر و من البيّن انّ أمر الشّارع الحكيم بفعل ضرري يكشف عن وجود مصلحة فيه فائقة على الضّرر الحاصل منه لقبح الإضرار من الحكيم على الإطلاق و ليس هذا مجرّد احتمال حتى يدفع بالأصل (- فت-) الثالثة انّه حيث صارت القاعدة من سنخ الأدلّة النّقليّة فهل هي في عرض سائر الأدلّة اللّفظيّة حتّى يلتمس المرجّح عند التعارض أم هي حاكمة عليها وجهان جزم بالثاني الماتن (- قدّه-) و جمع من محقّقي الأواخر و ظاهر اخرين منهم الفاضل القميّ (- ره-) الأوّل حيث قال انّ قاعدة لزوم البيع تعارض قاعدة نفى الضّرر و بينهما عموم من وجه و يحكم بالخيار ترجيحا للثّاني من جهة العقل و العمل و غيرهما و لو كانت من باب الأصل لما عارضت الدّليل انتهى و هو كما ترى خال عن مستند و يدلّ على ما اختاره الماتن (- ره-) أمور الأوّل انّ مقتضى قوله (- ص-) لا ضرر و لا ضرار في الإسلام هو نفى الحكم الضّرري من بين الأحكام فهو واضح الدّلالة على عدم تشريع حكم ضرريّ في جملة الأحكام و انّ كلّ حكم ضرريّ فهو ليس من الأحكام المشروعة فهو مفسّر و مبيّن لسائر العمومات و المطلقات و مصرّح بعدم شمولها لموارد الضّرر فلا تعارض بينه و بين العمومات و الإطلاقات إذ لا معنى للتّعارض بين المفسّر و المفسّر و ذلك معنى الحكومة الّتي ادّعيناها فالقاعدة حاكمة على سائر العمومات فائقة عليها و الى هذا الوجه أشار الماتن (- ره-) بقوله و فيه ما تقرّر في محلّه (- اه-) نعم لو فرض ثبوت دليل خاصّ في مورد خاصّ على ثبوت حكم ضرريّ مثل الإجماع و نحوه حكم بتخصيص القاعدة به إذ هي ليست من القواعد الّتي لا تقبل التّخصيص الثّاني انّ الأخبار الّتي هي مستند القاعدة انّما وردت في مقام الامتنان على العباد بعدم تكليفهم بحكم ضرريّ و رفع الأحكام الضّرريّة عنهم و من البيّن انّ رفع شي ء يستلزم ثبوته قبل الرّفع فيلزم ثبوت الأحكام الضّرريّة بالإطلاقات حتى يصحّ الامتنان برفعها إذ لا معنى للامتنان برفع الأحكام الضّرريّة إلّا مع وجود المقتضى للضّرر لا مع عدمه فظهر من ذلك انّ الحكم الضّرري و إن كان يثبت بالعمومات لكن القاعدة حاكمة عليها فينفيه و هو المطلوب الثّالث انّ استدلال النّبي (- ص-) بالقاعدة في الحكم بقلع عذق سمرة و استدلال الصّادق (- ع-) بها في الحكم بالشّفعة للشّريك مع دلالة سائر العمومات كعموم سلطنة النّاس على أموالهم في الأوّل و عموم الوفاء بالعقود في الثّاني على خلافه يدلّ على حكومة القاعدة على العمومات إذ لو لم يكن (- كك-) لم يصحّ الحكم بمقتضى القاعدة مع وجودها و تقديمها عليها بل كان يلزم الحكم بالتّعارض و التّرجيح بالمرجّح فحكومة القاعدة على سائر العمومات و الإطلاقات ممّا لا ينبغي الرّيب فيه بقي هنا شي ء نبّه عليه حضرة الشيخ الوالد (- قدّه-) في البشرى و هو انّه يتفرّع على الحكم بحكومة القاعدة انّ المصالح الكامنة في الأفعال الّتي هي منشأ لتعلّق الأمر بها لا تصلح لتدارك الضّرر الحاصل منها بمعنى انّ وضع الشّارع الأحكام الضّرريّة عن المكلّفين يكشف عن عدم تدارك الضّرر الحاصل من العمل بها بالمصلحة الكامنة في متعلّقاتها مثلا أمر الشّارع بالوضوء الشّامل لصورة تضرّر المكلّف باستعمال الماء لا بدّ فيه من وجود مصلحة في الوضوء المأمور به ينشأ منها الأمر و حكومة قوله (- ص-) و لا ضرر و لا ضرار في الإسلام على إطلاق الأمر بالوضوء يكشف عن عدم تدارك الضّرر الحاصل منه بالمصلحة الكامنة فيه و الّا لم يبق للحكومة معنى لانّ معناها ان يكون قوله (- ص-) لا ضرر و لا ضرار ناظرا بدلالته اللّفظيّة إلى اختصاص إطلاق الأمر بالوضوء بغير مورد الضّرر فلو فرض تدارك الضّرر الحاصل منه بالمصلحة الكامنة فيه كان الضّرر (- ح-) في حكم العدم فلا يرتفع الأمر بالوضوء و

لا يجرى عليه مؤدّى قوله (- ص-) لا ضرر و لا ضرار فلا يبقى مورد يفرض حكومة القاعدة بالنّسبة إليه فينفى الحكم الضّرري الّذي في ذلك المورد بها

قوله طاب ثراه و فيه ما تقرّر في محلّه (- اه-)

أشار بذلك الى الوجه الأوّل من أدلّة الحكومة الّتي اسبقناها و نبّهنا على ذلك هناك فلاحظ

قوله طاب ثراه ثمَّ انّ اللّازم ممّا ذكرنا الاقتصار (- اه-)

هنا أمر بيانه متقدّم رتبة على هذا الّذي أفاده (- قدّه-) و هو ما افاده حضرة الشيخ الوالد العلّامة أنار اللّه برهانه في مجلس البحث و البشرى من انّه لما دار ثبوت الأحكام التّكليفيّة و الوضعيّة مدار عدم الضّرر و نفيها مدار الضّرر لزم في نفى الأحكام المشتملة على الضّرر الاقتصار على ما يرتفع به العنوان و يندفع به الضّرر لأنّ الضّرورة تقدّر بقدرها فكلّما صار الضّرر سببا للالتزام بحكم لزم اختيار ما هو أقلّ كلفة و ترك ما هو أكثر مشقّة و بيان ذلك انّ نفى الضّرر يختلف باختلاف المواضع فمنها ما يثبت الضّمان كما في صورة إتلاف مال الغير فانّ نفى الضّرر عن الغير موجب لضمان المتلف و خروجه عن عهدة ما أتلفه و منها ما يثبت به التّضمين و منها ما يدور الأمر فيه بين الضّمان و التضمين كما إذا باع مال غيره فضولا لا غصبا و كان المشترى جاهلا بالحال فاستوفى منه بعض المنافع فإنّه لا إشكال في جواز رجوع المالك الى المشترى في أصل المبيع و منافعه المستوفاة منه كما لا إشكال في انّ للمشتري تسلّطا على البائع من جهة ما غرمه للمالك في الجملة و انّما الكلام في انّ البائع هل هو ضامن لذلك بالفعل أو انّ للمشتري ان يضمّنه بعد رجوع المالك اليه و تظهر الثمرة فيما لو حدث للبائع بعد البيع من المال ما يساوى قدر الاستطاعة للحجّ من دون زيادة و لا نقيصة فإن قلنا بضمانه بالفعل لم تحصل الاستطاعة له بماله المذكور لاشتغال ذمّته بدفع ما ضمنه الى المضمون له و الفرض عدم زيادة المال عن قدر الاستطاعة فلا يكفى للحجّ بعد إخراج ما ضمنه و ان قلنا بالتّضمين لم يتحقّق الضّمان بالفعل غاية ما في الباب انّ للمشتري ان يضمّنه بعد رجوع المالك اليه فيجب الحجّ (- ح-) لتحقّق الاستطاعة ثمَّ انّ مقتضى ما ذكر من الاقتصار على ما يندفع به الضّرر انّما هو الاقتصار على الحكم بثبوت التّضمين دون الضّمان حيث دار الأمر بينهما كما في المسئلة المفروضة و ذلك لاندفاع الضّرر فلا يصحّ إثبات الضّمان بالفعل بالقاعدة لارتفاع الضّرر بما هو أقلّ منه و هو التضمين و على قياس ما ذكرنا أرش العيب و تصدّق الملتقط فلا يتحقّق فيهما الضّمان الّا بعد مطالبة المشترى في الأوّل و صاحب المال في الثّاني و منها ما يثبت به الخيار كما في خيار الغبن و العيب و لا ريب في انّ الضّرر الحاصل للمشتري

ص: 337

من لزوم العقد هنا يندفع بثبوت الخيار له في الزّمان الأوّل فيكون على وجه الفور و لا يمكن إثبات استرداده فيما بعده من الأزمنة بقاعدة الضّرر لاندفاعه بثبوته له في الزمن الأوّل بل نقول انّ قاعدة الضّرر هي الّتي تنفي الخيار في الزمن الثّاني و ما بعده إذ كما انّ لزوم البيع ضرر على المشترى فكذا امتداد خيار المشترى ضرر على البائع فينفى بالقاعدة مع تأيّدها (- ح-) بالأصل و عموم دليل السّلطنة و على هذا فلا حاجة الى التمسّك بقاعدة وجوب الوفاء بالعقد في نفى الخيار في الزّمن الثّاني كما صدر من بعضهم بتقريب انّها عامّة للأزمنة خرج عن تحت عمومها الزّماني الوفاء في زمان الخيار فيبقى الباقي تحتها فيجب الوفاء في الأزمنة المتأخّرة على انّه يمكن المناقشة في هذا الاستدلال من البعض بانّ المسلّم من عموم تلك القاعدة انّما هو العموم بحسب افراد العقود و امّا العموم بحسب الأزمان و الأحوال فممكن المنع غاية ما في الباب انّها بالنّسبة إلى الأزمان و الأحوال مطلق لكن لا بحسب الوضع بل من جهة كون الأمر بالوفاء بالعقود مجرّدا عن التقييد بزمان دون زمان و حال دون حال و لا ريب في انّه إذا انتقض إطلاق وجوب الوفاء بثبوت عدم وجوبه في زمان لم يبق للتمسّك فيما بعد ذلك الزمان بذلك الإطلاق وجه إذ الإطلاق انّما كان ثابتا من جهة عدم تقييد الحكم بزمان فاذا ثبت تقييده بشي ء من الأزمنة عاد اللّفظ مجملا بحسب العرف بالنّسبة إلى الأزمنة المتأخّرة عنه فلا يمكن إثبات الحكم فيها استنادا إلى الإطلاق كما لا يمكن إثبات الخيار فيما بعد الزّمن الأوّل باستصحاب بقائه لعدم جريانه بعد تبدّل الموضوع فانّ الموضوع (- ح-) هو المكلّف المتضرّر لو لم يثبت له الخيار و هو في الزّمان الثّاني مرتفع لانتفاء الضّرر بثبوت الخيار في الزّمان الأوّل و ملخّص جميع ما ذكرنا انّ قاعدة الضّرر لا تنفى الحكم المشتمل على الضّرر الّا بالقدر الّذي يندفع به الضّرر كما عرفت و بسبب نفى الحكم بها قد يثبت الضّمان و قد يثبت التّضمين و قد يثبت الخيار و قد يثبت غير ذلك بحسب اختلاف المقامات لا يقال كيف تثبت الضّمان أو التضمين أو الخيار بنفي الضّرر و لا دلالة فيه على شي ء منها بإحدى الدّلالات على كلّ من المعاني الخمسة السّابقة المحتملة في قوله صلّى اللّه عليه و آله لا ضرر و لا ضرار امّا على الأوّلين منها الرّاجعين الى تحريم الفعل المشتمل على الضّرر فواضح إذ حرمة إتلاف مال الغير أو إيقاع العقد على مال الغير مع جهل المشتري أو إيقاعه على المعيب كما في الأمثلة المتقدّمة لا تدلّ على الضّمان و لا التضمين و لا الخيار بإحدى الدّلالات مع منع حرمة الأخيرين و امّا على الثالث الّذي جعله الماتن (- ره-) ثانيا و هو نفى الفعل المشتمل على الضّرر من دون تدارك و جبران فلانّ نفى الفعل المشتمل على الضّرر من دون تدارك لا يثبت كون التّدارك من مال الضّار لإمكان كون الجبران من بيت المال لكونه معدّا لمصالح المسلمين أو في الآخرة أو في الدّنيا لكن من جانب اللّه سبحانه بأن يقضى في حقّ المضطرّ ما ينتفع به بقدر ما يوازي الضّرر الّذي أصابه أو أزيد و كذا على المعنى الّذي جعله الماتن (- ره-) ثالثا و هو نفى الحكم الشرعي الّذي يستلزم العمل به ضررا على العباد فإنّه لا يقتضي إلّا دفع الضّرر و هو لا يثبت ضمان الضّار في مسئلة الإتلاف و لا تضمين المشترى للبائع في مسئلة التغريم و لا الخيار في مسئلة البيع المشتمل على الغبن لإمكان دفع الضّرر في الأوّل و الثّاني بجبر الضّرر و تداركه من بيت المال أو من جانب اللّه سبحانه في الدّنيا أو الآخرة و كذا الحال في الثالث مضافا الى عدم اقتضاء نفى الحكم المشتمل على الضّرر تعيين ثبوت الخيار لإمكان رفع الضّرر بإثبات الأرش في البيع المغبون فيه أو بالحكم ببطلان الفقد (- ح-) رأسا نعم إذا كان الحكم بحيث لو لم يكن هو بعينه لزم الضّرر بان يكون ثبوته علّة تامّة لانتفائه الضّرر منحصرا فيها لا ينتفي الضّرر الّا بثبوته (- فح-) يصحّ الاستدلال على ثبوته بدليل نفى الضّرر كما إذا فرض انّه قام دليل على عدم جواز تدارك ضرر صاحب المال من بيت المال إذا أتلفه الغير و انّه لا تدارك من جانب اللّه تعالى لا في الدّنيا و لا في الآخرة فإنّه (- ح-) يتعيّن الحكم بضمان المتلف و كون التدارك من ماله و لكن التعيّن (- ح-) ليس مستندا الى خصوص حديث نفى الضّرر بل اليه و الى ما دلّ على انحصار طريق رفع الضّرر في ذلك و امّا على المعنى

الخامس من الحديث فعدم دلالته على ما ذكرنا من الضّمان أو التّضمين أو الخيار أوضح لأنّ نفى الضّرر (- ح-) يتوقّف على ثبوت الحكم الواقعيّ و لم يعلم انّه ما ذا مضافا الى أنّه يتوجّه عليه ما ذكرنا من عدم تعيّن نفى الضّرر و انحصاره في الضّمان و أخويه لأنّا نقول قد عرفت فيما مضى انّ المتعيّن من بين معاني الرّواية هو المعنى الرّابع الّذي جعله الماتن (- ره-) ثالثا و عليه فيمكن دفع الاحتمالات و تعيين الضّمان في مسئلة الإتلاف و التّضمين في مسئلة التغريم و الخيار في مسئلة البيع المشتمل على الغبن امّا في المسئلة فإنّه إذا أتلف ماله فالّذي يحتمل هناك من وجوه التّدارك أمور أحدها ان يكون من مال المتلف ثانيها ان يكون من مال المسلمين ثالثها ان يكون من بيت المال رابعها ان يكون من جانب اللّه تعالى امّا في الدّنيا أو في الآخرة و كلّها باطلة عدى الأوّل امّا الثّاني فلاستلزامه تضرّر المسلمين وَ لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ و امّا الثّالث فلكون بيت المال معدّا للمصالح الخاصّة اللّاحقة لعامّة المسلمين لأكل مصلحة فتدارك الضّرر منه إضرار على المسلمين لكونه نقصا فيما أعدّ لمصالحهم الخاصّة و لا فرق في الضّرر بين ما لحق مسلما خاصّا و ما لحق عامتهم نعم لو فرض انّ رجلا أوصى بشي ء من ماله لمثل ذلك أو لمطلق مصالح المسلمين خاصّة و عامّة (- فح-) يصحّ تدارك ضرر صاحب المال من الموصى به و امّا الرّابع فالشق الأوّل منه و هو كون تدارك الضّرر من جانب اللّه تعالى في الدّنيا ممّا يشهد بخلافه الوجدان و امّا الشّق الثّاني منه و هو كون تداركه من جانبه تعالى في الآخرة فمع كونه منفيّا بأصالة عدمه يدفعه انّ الظّاهر بل المقطوع به هو كون دفع الضّرر و تداركه مختصّا بالدّنيا و لا مساس له بالأخرة و إذ قد تبيّن بطلان ما عدى الاحتمال الأوّل و هو دفع الضّرر الحاصل من مال المسلمين أو بيت المال أو من جانب اللّه في الدّنيا أو في الآخرة تعيّن الاحتمال الأوّل و هو دفع الضّرر و تداركه بمال الضّار فيحكم بضمانه بحكم الانحصار و توهّم انّ ثبوت الضّمان (- ح-) لا يكون بقاعدة نفى الضّرر بل بها و بقضيّة الانحصار مدفوع بانّ الغرض من إثبات الضّمان بها ليس إثباته بدلالتها اللفظيّة فقط بل الغرض إثباته بها مطلقا و لو كان بواسطة أمر أخر كما لا يخفى هذا مع انّ من تتبّع موارد الضّمانات و الغرامات الثّابتة في الشرع و استقرئها علم انّه لا يستفاد منها الّا ثبوت الضّمان على الضّار و الغار دون غيرهما و قد حكموا فيمن وطاء بهيمة الغير بضمان الواطى لقيمتها و كذا فيمن باع امة بدعوى الوكالة في بيعها ثمَّ استولدها المشترى ثمَّ تبيّن كذبه في الوكالة فحكموا بضمان مدّعى الوكالة للمشتري إذا رجع المالك عليه بأرش البكارة و قيمة الولد الى غير ذلك من الموارد الكثيرة و يدلّ على ما ذكرنا صحيحة البزنطي من أضرّ بشي ء من طريق المسلمين فهو ضامن و مثلها ما رواه المشايخ

ص: 338

الثلاثة و صحيحة الكناني المتقدّمة في طيّ الأخبار السّابقة و هي تدلّ بظاهرها على ضمان الضّار على وجه التسبيب كما إذا حفر بئرا في طريق المسلمين فوقع فيها مسلم أو دابّته أو نحو ذلك و يحصل منها الدّلالة على الضّمان في صورة المباشرة بالأولويّة القطعيّة لكن هذا ان جعل كلمة من فيها بمعنى في و ان أبقيت على ظاهرها أفاد حكم صورة المباشرة الّا ان ما رواه المشايخ الثلاثة صريح في التسبيبات فلاحظ و ممّا ذكرنا يظهر عدم جواز دفع الضّرر في مسئلة التغريم و البيع المشتمل على الغبن من مال المسلمين أو من بيت المال أو من جانب اللّه تعالى في الدّنيا أو الآخرة و يبقى احتمال دفع الضّرر في البيع المشتمل على الغبن بإثبات الأرش أو بطلان العقد رأسا لكنّهما مدفوعان (- أيضا-) امّا الأوّل فبأنّ إثبات الأرش إثبات ضرر على البائع إذ بعد انتقال الثمن إلى البائع و المثمن إلى المشتري بالعقد اللّازم كما هو المفروض فالرّجوع اليه بالأرش إدخال نقص عليه مع انّ إثبات الأرش مستلزم للالتزام بثبوت الضّرر على المشترى و الحكم بالأرش تدارك له لا رفع له فهو يحقّقه و لا يرفعه كما تقدّمت الإشارة إليه في كلماتنا السّابقة و مقتضى قوله صلّى اللّه لا ضرر كما عرفت سابقا عند بيان معناه هو نفى موضوع الضّرر لا إثبات الضّرر و الأمر بتداركه بعد ذلك و امّا الثّاني فيما عرفت في بدو العنوان من انّ المدار في نفى الحكم المشتمل على الضّرر انّما هو على عنوان الضّرر فيقتصر في نفى ذلك الحكم على ما يندفع به الضّرر الحاصل من إثباته و لا ريب في انّ الضّرر الحاصل هنا انّما هو من لزوم العقد فيكون هو المنفيّ بقوله (- ص-) لا ضرر دون غيره فيبقى العقد جائزا و إذ قد عرفت ذلك كلّه فلنرجع الى شرح ما افاده الماتن (- ره-) فنقول انّ غرضه (- قدّه-) ليس هو دعوى كون المراد بالضّرر المنفيّ هو المعلوم بل غرضه (- قدّه-) قيام القرينة الخارجيّة و هي ورود القاعدة مورد الامتنان على ارادة نفى الضّرر المعلوم في المعاملات؟؟؟ خاصة و توضيح الحال في هذا المجال انّ الظّاهر من قوله صلّى اللّه عليه و آله لا ضرر و لا ضرار انّما هو نفى الأحكام الواقعيّة بمعنى انّه ليس في الأحكام ما يقتضي تضرّر المكلّف بسبب العمل به فيكون عدم الضّرر على هذا من الشّروط الواقعيّة للأحكام الواقعيّة الشأنيّة كما انّ الطّهارة من الشروط الواقعيّة للصّلوة حيث لا يؤثر علم المكلّف بالضّرر و اعتقاده به و لا عدم اعتقاده في ذلك و لازم ذلك انّه لو توضّأ باعتقاد عدم تضرّره باستعمال الماء ثمَّ انكشف حصول الضّرر بطل وضوئه و يصحّ في صورة العكس كلّ ذلك لانّ الألفاظ حقيقة في المعاني الواقعيّة النّفس الأمريّة و قد جرى ديدن الفقهاء (- رض-) في باب المعاملات على ذلك اعنى اعتبار الضّرر الواقعيّ لا ما اعتقد المكلّف بتضرّره به حيث تريهم يحكمون بثبوت الخيار بسبب الغبن في الواقع و إن كان المغبون جاهلا بحصوله و لا يحكمون بثبوته بالقاعدة بمجرّد اعتقاد المشترى بعد البيع بنقص قيمة المبيع من الثمن إذا كان اعتقاده ذلك مخالفا للواقع و بالجملة فبنائهم في المعاملات على اعتبار الضّرر الواقعي لا على اعتقاده كما لا يخفى على المتتبّع فكلّ حكم ترتّب عليه ضرر في نفس الأمر فهو منفيّ (- كك-) سواء كان المكلّف جاهلا بالضّرر ثمَّ انكشف خلافه أم لا فهم قد جروا في المعاملات بحسب مقتضى ظاهر اللّفظ في قوله (- ص-) لا ضرر و لا ضرار و امّا في العبادات فقد بنوا على خلاف ذلك و اعتبروا اعتقاد الضّرر أو ظنّه في الحكم ببطلان العبادة به و اعتقاد عدمه أو ظنّ عدمه في الحكم بصحّتها فحكموا بالصّحة فيما لو اتى بها باعتقاد عدم الضّرر و ان انكشف خلافه بعد ذلك و بالبطلان فيما لو اتى بها باعتقاد الضّرر و ان انكشف خلافه فيكون عدم الضّرر عندهم في العبادات من الشّروط العلميّة دون الواقعيّة و لا يقيّد القاعدة الأحكام الواقعيّة الشّأنيّة و انّما يقيّد بها الأحكام الفعليّة بمعنى انّ عدم الضّرر إذا كان شرطا علميّا يقيّد به الأحكام المتوجّهة إلينا فعلا و يكون المعتبر في توجّه الأحكام هو العلم بعدم حصول الضّرر بها فيختصّ الأحكام الفعليّة بغير موارد الضّرر بحسب اعتقاد المكلّف و الّذي دعاهم إلى التفرقة بين المعاملات و العبادات و العدول في الثّانية عن ظهور نفى الضّرر في نفى الأحكام الضرريّة الواقعيّة هو انّ قوله (- ص-) لا ضرر و لا ضرار قد ورد في مقام الامتنان على المكلّفين بوضع الأحكام الضرريّة عنهم و لا شكّ في انّ الامتنان لا تحصل برفع الأحكام الضّرريّة الواقعيّة الشّأنيّة و

انّما يحصل برفع الحكم الفعلي المتوجّه الى المكلّف المطلوب منه امتثاله و ذلك لانّ الامتنان على المكلّف انّما يتحقّق برفع حكم ضرريّ لو لم يرفع لتوجّه اليه المكلّف به و طولب بامتثاله لا برفع الحكم الضّرري في نفس الأمر مع قطع النّظر عن توجّه التّكليف به الى المكلّف و عدمه كما هو معنى الأحكام الشأنيّة الواقعيّة فإنّه لا يترتّب من الأحكام الواقعيّة ضرر على المكلّفين ما دامت باقية على شأنيّتها حتى يكون رفعها منّة عليهم بل ربّما استلزم رفع الأحكام الواقعيّة الضّرريّة مع قطع النّظر عن فعليّتها الضّرر على المكلّفين كما إذا فرض رفع وجوب الوضوء مع التضرّر باستعمال الماء و اتّفق انّ المكلّف صلّى عشر سنين مثلا بالطّهارة المائيّة ثمَّ انكشف إضرار جميع طهارته الّتي صلّى بها في تلك المدّة فإنّه لا ريب في انّ الحكم ببطلان الصّلوة (- ح-) و قضاء ما اتى به من الصّلوات في تمام تلك المدّة ضرر عليه مناف للامتنان بل نقول انّ التكليف بالإعادة و إن كان بالنّسبة الى عبادة واحدة تكليف بما هو مشقّة مناف للامتنان فالأوفق بالامتنان انّما هو رفع الأحكام الضّرريّة المتوجّهة إلى المكلّفين بحيث لو لم ترفع كانوا مامورين بامتثالها مع علمهم بحصول الضّرر بها و (- ح-) فلا بدّ و ان يقال انّ عدم العلم بالضّرر شرط في تنجّز الأحكام دون انتفاء الضرر الواقعي و هذا بخلاف المعاملات فانّ الحكم الواقعيّ فيها هو المقيّد بعدم الضّرر فيه لانّ الحكم فيها وضعيّ و لا مدخل لعلم المكلّف و جهله فيه الا ترى انّ لزوم العقد أمر واقعيّ فإذا لزم منه الضّرر على المكلّف لزم ان يكون هو المرتفع فإنّه إذا كان قيمة المبيع انقص من الثمن فقد لزم الضّرر على البائع سواء علم به بعد العقد أم لم يعلم فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ حكومة قاعدة الضّرر على خطابات الأحكام تقتضي ارتفاع الضّرر المعتقد في العبادات الّتي قوامها بالأمر و ارتفاع الضّرر الواقعي في المعاملات الّتي مدارها على الواقع لكون منشأ الضّرر هناك توجّه الخطاب و كون منشئه هاهنا هو الشي ء الواقع فكان تفرقة الأصحاب بين العبادات و المعاملات على القاعدة لا يقال انّ مقتضى ما ذكرت من ورود اخبار نفى الضّرر في مقام الامتنان هو اعتبار العلم بالضّرر في ارتفاع الحكم دون الضّرر الواقعيّ في المعاملات (- أيضا-) ضرورة انّ مفاد الأخبار بالنّسبة إلى المقامين على حدّ سواء لأنّا نقول انّ ورود تلك الأخبار في مقام الامتنان هو الّذي أوجب ادارة الأمر في المعاملات مدار الواقع ضرورة انّ مقتضى الامتنان هو ملاحظة حال طرفي المعاملة و ان لا يمضى مجرّد اعتقاد أحدهما في حقّ الأخر إذ قد يكون مخالفا للواقع فيكون مضيّه في حقّ صاحبه ضررا عليه

ص: 339

فلا جرم كان اللّازم فيها هو الضّرر الواقعي و لهذا حكموا بأنّها إذا اختلفا في القيمة لم يقدم قول أحدهما على قول الأخر إلّا بالبيّنة و بهذا الّذي ذكرنا يتمّ المطلوب في المعاملات بناء على كون الأحكام الوضعيّة منتزعة من الخطابات التكليفيّة (- أيضا-) كما لا يخفى على المتدبّر

[التنبيه الثاني لا إشكال في أن القاعدة تنفي الأحكام الوجودية الضررية و أما الأحكام العدمية الضررية ففي نفيها بهذه القاعدة إشكال]

قوله طاب ثراه في التنبيه الثاني مثل عدم ضمان (- اه-)

و مثل ما لو حبس الدّابّة فمات ولدها أو فتح القفص قطار الطائر الذي فيه و نحو ذلك

قوله طاب ثراه ففي نفيها بهذه القاعدة فيجب ان يحكم بالضّمان اشكال (- اه-)

الظاهر من بعض الأواخر كصاحب الرّياض و غيره هو التمسّك بالقاعدة في إثبات الضّمان في أمثال الموارد امّا بناء على قطع النّظر عن ثبوت الضّمان فيها بسبب الاندراج تحت عنوان أخر مثل الإتلاف أو بناء على عدم العلم بكون المذكورات من أسباب الضّمان إذ كلّ سبب للإتلاف على الإطلاق قريبا كان أم بعيدا ليس سببا للضّمان إذ لم يجعل مطلق السببيّة عنوانا في الحكم بالضّمان في الأخبار و انّما جعل العنوان هو الإتلاف فكلّ مورد صدق عليه عنوان الإتلاف عرفا فهو و الّا فلا يمكن الحكم بالضّمان الّا بدليل و لهذا لم يحكم بعضهم بالضمان في الموارد المذكورة و فيما لو حفر بئرا في الأراضي المباحة أو في ملكه فوقعت فيه دابة الغير

قوله طاب ثراه من انّ القاعدة ناظرة (- اه-)

هذا منشأ أحد شقّي الإشكال و هو عدم نفى الأحكام العدميّة بقاعدة الضّرر و قد كان مقتضى الترتيب تقديم منشأ الإثبات و انّما قدّم منشأ النفي لكونه أخصر أو للميل إلى الإثبات و تقرير الدليل على وجه يتمّ على الاحتمالات في تفسير الضّرر ان (- يق-) انّ قوله صلّى اللّه عليه و آله لا ضرر و لا ضرار بشي ء من معانيه المحتملة فيه المتقدّمة في صدر المبحث لا يثبت الضمان امّا أوّلا فلما تقدّم من اشتراط العمل بهذه القاعدة بالانجبار بعمل الأصحاب ليزول الوهن الوارد عليها بكثرة التّخصيص و لا ريب في انّ أكثر الأصحاب لم يعملوا بها في باب الضمانات و انّما عمل بها بعض الأواخر نظرا الى عمومها و لا عبرة به فتأمّل كي يظهر لك أنّا أسبقنا المنع من اشتراط العمل بالقاعدة بعمل الأكثر بها و امّا ثانيا فلانّ كلّا من المعاني المحتملة المزبورة إذا لوحظ في حدّ ذاته لم يف بإثبات الضّمان امّا الأوّلان الراجعان الى بيان حرمة إضرار بعض الناس فعدم دلالة القاعدة بشي ء منهما على المطلوب واضح لما عرفت من كون مفادها تحريم الفعل المشتمل على الإضرار بالغير فغاية ما يفيده القاعدة (- ح-) هو حرمة الأمور المزبورة و هو أعمّ من الضّمان إذ لا ملازمة بين حرمة الشّي ء و إيجابه الضّمان مع انا لو سلّمنا ثبوت الضّمان بها نقول انه مرتّب على الحكم الوجودي الضرري و هو اباحة الفعل لا على رفع عدم الحكم بإثبات وجوده كما هو المقصود فانّ الغرض هنا إثبات الضّمان نظرا الى انّ انتفاء الضّمان يترتّب عليه الضّرر و من البيّن انّه لا ملازمة بين تحريم الفعل و رفع عدم الضّمان حتى يثبت به الضّمان و امّا الثّالث و هو نفى الضّرر المجرّد عن التّدارك و تنزيل المتدارك منه منزلة عدمه فلانّ الأمر بالضّمان بعد حصول الضّرر غير صالح لتداركه و جبره لينزّل منزلة العدم إذ التدارك و الجبران لا يحصل الّا بالخروج عن العهدة فعلا فلا يكفى مجرّد الأمر بالضّمان في جبر الضّرر لعدم كون الأمر به مستلزما لوجوده في الخارج و الحاصل انّ الأمر بالتدارك أعمّ من فعليّته و التنزيل انّما يصحّ على فرض الفعليّة مضافا الى انّ القول بشمول الأخبار للأمر بالضّمان لأجل تدارك الضّرر الحاصل في الأمثلة المزبورة خروج عن مفاد الخبر لأنا ندّعي أنّها تنفي الضّرر الحاصل من الأحكام الوجوديّة و الضّرر هنا مترتّب على عدم الضّمان الّذي هو أمر عدميّ و امّا الرّابع الّذي جعله الماتن (- ره-) ثالثا فلمّا افاده الماتن (- ره-) في العبادة و امّا الخامس فلانّ نفى الضّرر في الأحكام الواقعيّة لا يثبت ضمان المكلّف إذا أضرّ بغيره فإنّه إذا فتح القفص فطار الطّائر فهذا الفعل في نفس الأمر و إن كان لا يخلو من الاتصاف بأحد الأحكام الخمسة الّا انّه ان يكون حكمه في نفس الأمر الحرمة فلم يأذن الشّارع في نفس الأمر حتى يترتّب على اذنه ضرر فينفى بعدم كون الأحكام الواقعيّة ضرريّة نعم لو كان ذلك الحكم الواقعي لهذا الفعل أحد الأحكام الأربعة الأخر معيّنا و مقطوعا به كان لإثبات الضّمان بالحديث مجال احتمال نظرا الى انّ تجويز الفعل المذكور مع عدم الحكم بالضّمان ضرر فتنفيه القاعدة و امّا الحكم الظاهري بجوازه بأصالة البراءة فهو من باب المسامحة في التعبير لأنها لا تثبت الجواز الّذي هو أحد الأحكام الخمسة حتى يقال انّ الجواز من دون ضمان مستلزم للضّرر و هو منفيّ بالقاعدة إذ ليس مفاد أصل البراءة الّا نفى العقاب كما تقرّر في محلّه مع انّ المقصود في المقام بيان إمكان منع الحكم المرتّب عليه ضرر بالقاعدة بان يترتّب الضّرر على عدم الحكم فيرجع ذلك العدم بحكم القاعدة فيثبت وجوده و الضّرر المنفيّ على هذا المعنى هو الضرر المرتّب على وجود الحكم لا عدمه كما لا يخفى فالقاعدة على هذا ساكتة عن نفى الضّرر المرتّب على العدميّات

قوله طاب ثراه و من انّ المنفيّ ليس خصوص المجعولات (- اه-)

قد استدلّ لإثبات الضّمان في المقام بوجوه هذا أحدها و تقريره بعبارة أخرى ارتكاب نوع تسامح بان يقال انّ عدم حكم الشارع بالضّمان في أمثال المقام و ان لم يكن من احكام الدين و الشرع المبين و من مجعولات الشارع حقيقة و ليس يصدق عليه الإسلام إذ الإسلام عبارة عمّا جاء به النّبي (- ص-) و العدميّات ليست منه لكنّه يطلق عليه الإسلام و حكم الشّارع مسامحة و ادّعاء لكون كلّ ما يصحّ نسبته الى الشّارع و يجب أخذه منه وجوديّا كان أو عدميّا من دين الإسلام و احكام الشارع و لا ريب في انّ ما نحن فيه ممّا يجب أخذه من الشّارع كما انّ عدم وجوب صوم يوم الشكّ يجب أخذه منه مع كونه عدميّا فتشمله القاعدة من حيث كونه من الإسلام ادّعاء بل الأحكام الوضعيّة حتى على القول بالانتزاع مما يصحّ نسبتها الى الشّارع و كذا مؤدّيات البراءة فإنّها و ان لم تكن من احكام الشارع حقيقة من حيث انّ مؤدّى البراءة عدم العقاب لا الإباحة الواقعيّة لكنّها تنسب الى الشارع عرفا (- فح-) تكون الرّوايات مسوقة لنفي الضّرر عن كلّ ما يصحّ ان ينسب الى الشّارع و الجواب عن هذا الدّليل عدم الدّليل على اعتبار المسامحة المذكورة لأنّها خروج عمّا يقتضيه وضع اللّفظ و هو ممّا ينفي أصل الحقيقة الّا ان يناقش بانّ الدّال عليه فهم العرف (- فت-)

قوله طاب ثراه مع انّ الحكم العدميّ يستلزم (- اه-)

هذا هو الوجه الثّاني من وجوه؟؟؟ إثبات الضّمان بالقاعدة و توضيحه ان العدميّات و ان لم تكن داخلة في الأحكام الوجوديّة الّا انه يمكن إدخالها فيها باعتبار لوازمها الوجوديّة بأن يقال انّه إذا حبس الرّجل فشردت دابّته فعدم ضمان الحابس مستلزم لحرمة مطالبة المحبوس الحابس بما فوّته عليه بالحبس و كذلك يحرم المقاصّة عليه من ماله عوضا عن الفائت و يحرم التعرّض له و لا ريب في انّ حرمة المطالبة مثلا من الأحكام الوجوديّة الضرريّة فتنفى بالقاعدة فيثبت الضّمان

قوله طاب ثراه فتأمّل

لعلّ وجه التأمّل هو انّ (- الظ-) من اخبار الباب انّما هو انّ كلّ شي ء ينشأ منه الضّرر لا بدّ و ان يكون المرتفع ذلك الحكم بعينه و (- ح-) فإن كان الأمر المترتّب عليه الضّرر هنا وجوديّا خرج عن

ص: 340

محلّ البحث اعنى ما لو كان منشأ الضّرر امرا عدميّا و إن كان منشأ الضّرر هو ذلك الأمر العدميّ خرج عن مدلول الخبر و لم ينطبق عليه لفظه من جهة انّ المرفوع يلزم ان يكون هو ذلك الأمر العدميّ و هو ليس من أحكام الإسلام

قوله طاب ثراه مضافا الى إمكان (- اه-)

هذا هو الوجه الثالث من حجج إثبات الضّمان بالقاعدة و حاصله إدخال العدميات في مدلول اخبار الباب بمعونة استدلال النّبي صلّى اللّه عليه و آله بها فيها و مثل ذلك تعليل الصّادق (- ع-) إثبات الشفعة للشريك بالقاعدة من حيث كون عدم تسلّط الشريك على أخذ الحصّة التي في شركته ضررا عليه

قوله طاب ثراه فتأمّل

لعلّ وجهه الإشارة إلى انّه لم يعلم ان تسليط النّبي صلّى اللّه عليه و آله الأنصاري على قلع عذق سمرة كان مستندا الى تضرّر الأنصاري بسبب عدم تسلّطه على قلعه بل لعلّه كان من جهة تضرّر الأنصاري بجواز سلطنة سمرة على ماله و المرور عليه بغير اذن منه و هو حكم وجوديّ لا أمر عدميّ و (- كك-) في حكاية الشفعة لم يعلم انّ حكمه صلّى اللّه عليه و آله بها مستند الى تضرّر الشريك بعدم تسلّطه على أخذ الحصّة التي في شركته بل لعلّه مستند الى كون لزوم العقد الثّابت وجوب الوفاء به مستلزما للضّرر على الشريك و هو أمر وجوديّ

قوله طاب ثراه و يمكن تأييد دلالته بما استدلّوا به (- اه-)

هذا هو الوجه الرابع ممّا استدلّوا به على إثبات الضّمان بالقاعدة و يمكن الجواب عن ذلك بانّ غاية ما تفيده عمومات المقاصّة انّما هو إثبات جواز مقاصّة المستضرّ من مال الضارّ و امّا إثبات الضّمان عليه فلا و تظهر الثمرة في اثارهما المختصّة بهما فعلى تقدير ثبوت الضّمان يصير المال في ذمّة الضارّ دينا يقدّم إخراجه بعد موته على تقسيم تركته بين الورثة و يؤخذ من صلب المال بخلاف ما لو ثبت بها جواز المقاصّة فإنّها لا تستلزم صيرورة عوض التّالف دينا مستقرّا في ذمّة الضارّ غاية ما في الباب انّ للمستضرّ أن يأخذ العوض من مال الضارّ و هناك وجه خامس تمسّك به بعضهم لإثبات الضّمان بالقاعدة و هو خبر ابى الصّباح الكناني و معلّى بن خنيس المزبور ان في ذيل أخبار القاعدة النّاطقان بانّ من أضرّ بطريق المسلمين فهو له ضامن بتقريب انه قد اثبت فيه الضّمان على الإضرار بطريق المسلمين و لا مدخل لخصوص طريق المسلمين في ذلك يقينا إذ ليس المناط في ذلك الّا عنوان الإضرار فيثبت الضّمان في غير الطّريق و منه الأمثلة المزبورة و الجواب عن ذلك انّ الخبرين و ان أوردناهما في تضاعيف أخبار القاعدة إلّا أنّهما ممّا لا مساس لهما بهذه القاعدة في الحقيقة لكونهما ناظرين الى الموضوعات فانّ ظاهرهما إثبات الضّمان فيما إذا فعل في طريق المسلمين ما يتضرّر به مسلم و اين ذلك من قاعدة نفى الضّرر الناظرة الى نفى الأحكام الضرريّة فتبيّن من جميع ما ذكرنا عدم إمكان إثبات الضّمان بالقاعدة لما مرّ من الوجه مضافا الى ما حقّق في محلّه من عدم إمكان أن يؤثّر الأمر العدمي أثرا وجوديّا ضرورة انّ الأمر العدميّ ليس إلّا عبارة عن العدم و تأثيره أثرا وجوديّا مستحيل و ما تقدّم من انّ عدم ضمان فاتح القفص أو حابس الشّاة أو المالك موجب لضرر المالك ممنوع بل ليس موجب الضّرر إلّا الأمر الوجوديّ الّذي هو فتح القفص أو حبس الشّاة أو المالك و الضّمان جبر لذلك الضّرر لا انّ عدمه علّة فعنوان البحث في هذا التنبيه غير معقول فيسقط البحث من أصله

[التنبيه الثالث في جواب بعض المعاصرين عن إيراد أورده على الاستدلال بنفي الضرر لرفع التكاليف الثابتة بعموم أدلتها في مورد الضرر]

قوله طاب ثراه الثالث ما ذكره بعض المعاصرين (- اه-)

المراد بهذا البعض هو الفاضل النّراقي (- قدّه-) في عوائده

قوله طاب ثراه امّا في السّؤال (- اه-)

قد مرّت عند الكلام من الماتن (- ره-) في المراد بالضّرر في الأخبار مناقشات أربع في أصل جعل الضّرر عبارة عمّا لا يتدارك و هذه مناقشة خامسة جيّدة فلاحظ ما مرّ و تدبّر

قوله طاب ثراه فالتّحقيق انّ المراد بالضّرر خصوص الدّنيوي (- اه-)

قد تقدّم توضيح ذلك مضافا الى انّ ملاحظة الأخبار تساعد على عدم ارادة الشّارع بنفي الضّرر تدارك الضّرر بالثواب الأخرويّ كما في حكاية سمرة فإنّ النّبي (- ص-) قد حكم فيها بقلع العذق و قال لا أراك إلّا رجلا مضارّا و لا ضرر و لا ضرار على المؤمن و كذلك قد حكم الصّادق عليه السّلام بالشفعة و ذكر القاعدة فلم يحكم في شي ء من الرّوايتين بدفع الضّرر الحاصل بالثواب الأخروي بل بالتدارك في الدّنيا

[التنبيه الرابع في أنه لا يجوز لأحد إضرار غيره لدفع الضرر المتوجه إليه]

قوله طاب ثراه في الأمر الرابع و قد حمل (- اه-)

الدّاعي الى هذا الحمل هو مخالفة ما ذكره الشيخ (- ره-) لقاعدة حرمة التصرّف في مال الغير بغير اذنه عقلا و شرعا و الحامل هو الشهيد الثّاني (- ره-) فإنه قال في شرح قول المحقّق (- ره-) في الشرائع في كتاب الغصب التّاسعة قال الشيخ (- ره-) في (- ط-) إذا خشي على حائط جاز ان يستند بجذع بغير اذن مالك الجذع مدّعيا للإجماع و في دعوى الإجماع نظر انتهى ما لفظه هذا الحكم ذكره الشيخ (- ره-) كذلك (- مط-) و هو يتمّ على تقدير الخوف من وقوعه على نفس محترمة بحيث لا يندفع بدونه لجواز إتلاف مال الغير لحفظ النفس فإتلاف منفعته أولى أمّا بدون ذلك فالمنع واضح للمنع من التصرّف في مال الغير بغير اذنه عقلا و شرعا و امّا دعواه الإجماع على الحكم فلو تمَّ كان هو الحجّة لكن لا نعلم له موافقا عليه فضلا عن كونه إجماعا و ان وافقه موافق من المتأخّرين كما يظهر من الشّهيد (- ره-) في (- س-) فهو شبيه الإجماع المنقول بخبر الواحد و لا اثر له في ذلك لانّ المعتبر إجماع من في عصره أو من قبله و هو منتف خصوصا على وجه يصير حجّة كما أشرنا إليه مرارا انتهى و غرضه بالتجويز في صورة الخوف من الوقوع على نفس محترمة هو انّ الضّررين يتعارضان فيقدّم ما هو الأهمّ منهما و هو النّفس

قوله طاب ثراه و يمكن حمله على ما لم يتضرّر أصلا (- اه-)

يعنى لا يتضرّر صاحب الجذع أصلا بإسناد الحائط إلى جذعه امّا لعدم تلف الجذع به أو لغناه عن ذلك الجذع أو نحو ذلك

قوله طاب ثراه فتأمّل

لعلّ وجه الأمر بالتأمّل هو الإشارة الى انّ عنوان المسئلة انّما هو دفع الضّرر عن النّفس بإضرار الغير فاذا حمل ما ذكره الشّيخ (- ره-) على ما لو لم يتضرّر صاحب الجذع أصلا خرج عن الاندراج في عنوان المسئلة أو الى انّ عدم تلف الجذع لا يصير سببا لخروجه عن عنوان الضّرر أو الى انّه لا فرق في قبح التصرّف في مال الغير بغير اذنه بين ان يضرّ التصرّف بحاله أم لا

قوله طاب ثراه و يترتّب على الثاني جواز إضرار الغير (- اه-)

الفرق بين هذه المسئلة و ما سيأتي في الأمر السّادس من تعارض الضّررين هو انّ الفرض هنا توقّف رفع الضّرر الواقع عليه أو على غيره على إدخال الضّرر إلى الأخر و مفروض المسئلة الآتية هو توجّه الضّررين و تعارضهما في ان واحد لا وقوع أحدهما و توقّف رفعه على الأخر كما لا يخفى

[التنبيه الخامس في أنه لا فرق في هذه القاعدة بين أن يكون المحقق لموضوع الحكم الضرري من اختيار المكلف أو لا]

قوله طاب ثراه في الأمر الخامس لانّ الضّرر حصل بفعل الشخص (- اه-)

(11) أقول بل لا يبعد دعوى انّ نفى الضّرر (- ح-) مناقض لقاعدة الضّرر لأنّ إلزام المكلّف بخلاف مقصده المشروع إضرار به فتأمّل جيّدا

قوله طاب ثراه فما ذكره بعض (- اه-)

(12) المراد بهذا البعض هو صاحب الجواهر (- ره-) فإنّه الّذي تفوّه بذلك و وجه النظر في كلامه انّه ان أراد من إدخال الضّرر على نفسه إيجاده لمقدّماته فقد عرفت انّه لا يمنع من جريان

ص: 341

القاعدة لأنّ المانع منه اقدامه على أصل الضّرر لا سببه و ان أراد أنّه بالإقدام عليه عامد الى الوقوع في معرض الضّرر كما لو اشترى عمدا بأزيد من ثمن المثل فهو ممنوع لانّ غرض الغاصب بالغصب ليس الّا الانتفاع به دون الالتزام بالعوض و الوقوع في معرض الضّرر

قوله طاب ثراه و يمكن توجيهه (- اه-)

الداعي له الى التّوجيه هو كون الحكم مشهورا بين الأصحاب لا يكاد يظهر فيه خلاف و قد تضمّنت العبارة توجيهات ثلثة هذا أحدها و هناك توجيه رابع و هو انّه يتعارض الحكمان الضّرريّان فيقدّم اهمّهما و لا ريب في انّ ضرر المالك أقوى و مراعاته أهمّ

قوله طاب ثراه مناف للامتنان (- اه-)

انّما خصّ الامتنان بالمغصوب منه لان الغاصب بسبب اقدامه على الغصب قد صار سببا لعدم توجّه تفضل و منّة من اللّه سبحانه اليه و خرج عن قابليّة التفضل عند دوران الأمر بينه و بين غيره

قوله طاب ثراه مع إمكان ان يقال انّه إذا تعارض الحكمان (- اه-)

هذا هو التوجيه الثّاني

قوله طاب ثراه مضافا الى الرّواية المشهورة (- اه-)

هذا هو التّوجيه الثالث و فيه ما أشار (- قدّه-) اليه بقوله نعم هذه الرّواية لا تفي (- اه-) و حاصله انّ عدم حق لعرق الظالم لا يدلّ على كون مصرف ردّ المغصوب على الغاصب بشي ء من الدّلالات الثلث فتأمّل

[التنبيه السادس فيما لو دار الأمر بين حكمين ضرريين بحيث يكون الحكم بعدم أحدهما مستلزما للحكم بثبوت الأخر]

قوله طاب ثراه في الأمر السّادس فإن كان ذلك بالنسبة إلى شخص واحد فلا اشكال (- اه-)

توضيح الحال في ذلك على ما افاده حضرة الشيخ الوالد العلّامة أنار اللّه برهانه في مجلس البحث و البشرى انّ الضّررين المتوجّه أحدهما الى العبد على وجه التّبادل امّا ان يكونا متساويين بحسب الرّتبة بأن يكونا ممّا يتعلّق بالمال أو يكونا متعلّقين بالنّفس أو متعلّقين بالعرض و كذا بحسب الاعتقاد بان يكونا مظنونين أو مقطوعين و امّا ان يكون أحدهما راجحا بحسب الرّتبة و الاعتقاد و الأخر مرجوحا (- كك-) و امّا ان يكون أحدهما راجحا بحسب الرتبة و مساويا بحسب الاعتقاد و امّا ان يكون أحدهما راجحا بحسب الاعتقاد و مساويا بحسب الرّتبة و امّا ان يكون لكلّ منهما جهة رجحان و مرجوحيّة بأن يكون أحدهما راجحا بحسب الرتبة و مرجوحا بحسب الاعتقاد و الأخر بالعكس فهذه أقسام خمسة امّا الأوّل منها فلا إشكال في تخيّر المكلّف فيه بين الالتزام بأحدهما و دفع الأخر و امّا الثّلثة المتأخّرة عنه فيدفع فيها الضّرر الراجح و يلتزم بالمرجوح و امّا الأخير فهو مختلف بحسب الأشخاص فمنهم من يكون الضّرر المالى عنده أعظم من الضّرر اللّاحق بعرضه مثلا و منهم من هو بالعكس و منهم من يكون الضرر اللاحق من جهة العرض عنده أعظم من ضرر النّفس و هكذا فاللّازم على كلّ مكلّف تقديم دفع ما هو أعظم في نظره و الالتزام بالأهون لما ذكره الماتن (- قدّه-) هذا كلّه إذا كان الضّرران دنيويّين و امّا إذا كان أحدهما دنيويّا و الأخر أخرويّا كما في الجهاد و الزكاة و الخمس و الحج فامّا ان يقوم على ترتّب الضّرر الأخروي دليل قطعي أو ظنّي معتبر كما لو دلّ على وجوب الجهاد شي ء من اخبار الآحاد أم لا فعلى الأوّل يقدّم دفع الضّرر الأخروي لأنّ المفروض قيام دليل معتبر عليه من قيامه على وجوب الفعل المستلزم لترتّب العقاب على تركه و هو ضرر أخرويّ و حيث لم يمكن الاحتراز من الضّررين جميعا لكون المفروض هو صورة الدّوران قدّم دفع الأخروي لكون أهونه أعظم من المضار الشديدة الدّنيويّة بمراتب و امّا على الثّاني فيقدّم دفع الضرر الدّنيوي لانّ قبح العقاب بغير بيان أفادنا الأمن من المؤاخذة الأخرويّة المشكوكة و المظنونة من طريق غير معتبر فكان دفع الضّرر الدّنيوي أولى بالتقديم لكن يمكن ان (- يق-) انّه خارج عن مفروض البحث لانّ كلامنا في تعارض الضّررين و بعد جريان أصل البراءة بالنّسبة إلى الأخرويّ بقي الضّرر الدّنيوي سليما عن المعارض فتدبّر جيّدا

قوله طاب ثراه و إن كان بالنّسبة إلى شخصين فيمكن ان (- يق-) (- اه-)

لا يخفى عليك انّه إذا دار الأمر بين ضررين بالنّسبة إلى شخصين فامّا ان يكون لأحدهما مرجّح أم لا امّا على الثاني فيأتي ما في المتن و امّا على الأوّل فلا إشكال في تقديم الرّاجح منهما و المرجّح أمور أحدها الملكيّة فإنّها مرجّحة و لذا أفتوا فيما إذا استلزم تصرّف المالك تضرّر الجار بتقديم دفع ضرر المالك في الغالب نعم قد يقدّم دفع ضرر الجار كما إذا غرس شجرا في ملكه فتعدّت أغصانه إلى ملك جاره فإنّه يؤمر بقطع الأغصان المتعدّية إليه لاستلزام إبقائها التصرّف في ملك الغير فيدخل الضّرر على المالك ثانيها قضاء العرف و العادة بتقديم احد الضّررين على الأخر و بذلك يوجّه ما في (- الروضة-) في طيّ البحث عمّا يدخل في المبيع فيما لو باع الأصول و ابقى الثّمرة حيث جوّز لكلّ من البائع الّذي بقيت له الثمرة و المشترى السّقي مراعاة لملكه الّا ان يستضرّا معا فيمنعان قال فلو تقابلا في الضّرر و النّفع رجّحنا مصلحة المشتري لأنّ البائع هو الّذي أدخل الضّرر على نفسه ببيع الأصل و تسليط المشترى عليه الّذي يلزمه جواز سقيه انتهى فانّ وجه اقدامه على الضّرر انّ البائع إذا باع شيئا بحسب المتعارف فهو مستلزم لنقل جميع توابع المبيع و الحقوق الثّابتة في حقّه الى المشتري عند أهل العرف و العادة و من المعلوم انّ حق سقى الأصول كان قبل البيع للبائع فإذا باعها من دون اشتراط انتقال حق السّقي إلى المشترى في ضمن العقد فهو بمنزلة الاشتراط عند أهل العرف فهو داخل في ضمن العقد بحسب العرف و ان لم يصرّح بالاشتراط في ضمنه فلهذا حكم (- ره-) بكونه مقدّما على الضّرر ثالثها التّفريط فإنّه إذا فرّط أحدهما قدّم دفع ضرر الأخر فلو دخلت دابّة إنسان دار أخر و لم يمكن إخراجها من الدار الّا بهدم شي ء من الدّار أو ذبح الدّابة فإن كان دخولها بتفريط صاحب الدّار ادخل الضّرر عليه فيهدم الدّار من دون أرش و إن كان بتفريط صاحب الدابّة أدخل الضّرر عليه فيلزم بأرش هدم الدّار لصاحبها و قد استقرّت على ذلك فتاوى أكثر الأصحاب و لم يحتمل احد ذبح الدابّة إذا كان التفريط من صاحبها سوى العلّامة (- ره-) في (- كرة-) و الشّهيد (- ره-) في (- س-) فاحتملا ذلك و لعلّ نظر باقي الأصحاب في ذلك الى كون ذي الرّوح محترما في نظر الشّارع فإذا أمكن إدخال الضّرر على صاحب الدابّة في صورة استناد التفريط إليه بإثبات أرش الهدم عليه تعيّن و لكن لم يظهر لهم مستند في الحكم بكون التفريط من المرجّحات الّا ان يكتفى باتفاقهم عليه و لا بأس به ان تمَّ و امّا إذا لم يفرّط أحدهما فالضّرر يدخل على من كان دفع الضّرر لمصلحته ففي المثال المذكور لمّا كان إخراج الدابّة من الدّار لمصلحة صاحبها لما في إبقائها فيها من تضرّره بعدم التسليط عليها و فوات منافعها ادخل الضّرر عليه بإثبات الأرش عليه لهدم الدّار على المشهور بينهم معلّلين بما ذكرنا من كون الإخراج لمصلحة صاحب الدّابة و كذا إذا أدخلت الدابّة رأسها في قدر لغير صاحبها من دون تفريط من احد من المالكين و توقّف إخراجه على كسر القدر أو ذبح الدابّة فحكموا بكسر القدر و ضمان صاحب الدابّة قيمة القدر لصاحبها لكون كسرها لمصلحة صاحب الدابة و ناقش في ذلك في (- لك-) بانّ المصلحة قد تكون لصاحب القدر فقط و قد تكون مشتركة بينهما و كذا إذا دخلت الدابّة دار الغير و هذه المناقشة في محلّها الّا انّه يمكن إدخال الضّرر على صاحب الدابّة في مثال دخولها في دار الغير من جهة كون إخراج الدابّة من دار الغير واجبا فاذا توقّف على هدم الدّار وجب من باب المقدّمة مع إثبات الأرش عليه لصاحب

ص: 342

الدّار جبرا لضرره الّا انّ هذا الوجه لا يتمّ فيما لو كانت الدّابة قد أدخلت رأسها في القدر لعدم وجوب إخراج رأسها على صاحبها و يمكن بناء على إنكار كون التفريط مرجّحا و فرض الكلام في صورة عدم وقوع التّفريط من أحدهما تنزيل كلمات الأصحاب في حكمهم بإدخال الضّرر على ذي المصلحة في مثال الدابّة على ما ذكره الماتن (- ره-) من ترجيح الأقلّ ضررا فيحمل إطلاق كلامهم على الغالب من انّ ما يدخل من الضّرر على مالك الدابّة لو أتلفت دابّته مع الجبر بالقيمة أعظم ممّا يدخل على صاحب الدّار أو القدر على تقدير الهدم و الكسر و جبرهما بالقيمة و بعبارة أخرى تلف احدى العينين و تبدّلهما بالقيمة أهون من تلف الأخرى مع تبدّلها بالقيمة لتوجّه العناية إلى إحدى العينين أكثر من توجّهها إلى الأخرى و الحاصل انّ الأكثر و ان علّلوا حكمهم المذكور بأنّ إدخال الضّرر على صاحب الدّار أو القدر انّما هو لمصلحة صاحب الدّار و القدر الّا انّ نظرهم إلى قلّة الضّرر و كثرته و ليس التّعبير بما ذكر الّا بالنّظر الى الغالب كما عرفت و ليست المصلحة عنوانا في الحكم على وجه الخصوص و (- ح-) يندفع اعتراض الشهيد الثاني (- ره-) كما لا يخفى

قوله طاب ثراه و مع التّساوي فالرّجوع الى العمومات (- اه-)

ربّما يحكى عن ظاهر الشهيد (- ره-) في (- س-) القول بتخيّر الحاكم في صورة تساوى الضّررين و عدم المرجّح بين إدخال الضّرر على أيّهما شاء و لعلّه من باب السّياسة الثابتة له فان فقد الحاكم فالقرعة لأنّها لكلّ أمر مشكل و أقول ليته عيّن للحاكم أيضا الرّجوع الى القرعة لأنّ كونها لكلّ أمر مشكل لا يختصّ بصورة فقد الحاكم مضافا الى انّ رجوع الحاكم في الفرض أحوط

قوله طاب ثراه و ظاهره انّه يكسر (- اه-)

وجه الظّهور تخصيصه عدم جواز الكسر بما إذا كان الكسر أكثر ضررا من تبقية الواقع فيها

[التنبيه السابع في أن تصرف المالك في ملكه إذا استلزم تضرر جاره جائز أم لا]

قوله طاب ثراه السّابع انّ تصرّف المالك في ملكه (- اه-)

مرجع هذا البحث الى انّ قاعدة الضّرر هل هي حاكمة على قاعدة السّلطنة المعبّر عنها بقوله عليه السّلام النّاس مسلّطون على أموالهم أم هي محكومة عليها بتلك القاعدة أم هما متعارضتان لا بدّ من التماس مرجّح لإحديهما على الأخرى في مادّة التعارض من الخارج و المشهور انّ تصرّف المالك في ملكه إذا استلزم تضرّر جاره محكوم عليه بالجواز و علّله جماعة منهم العلّامة (- ره-) و الشهيدان و المحقّق الثّاني و غيرهم بعموم قوله (- ص-) النّاس مسلّطون على أموالهم و ظاهرهم من حيث الاقتصار على التّعليل المذكور من دون تعرّض الأمر أخر هو جريان عموم السّلطنة من دون معارضة شي ء فيظهر منهم (- ح-) حكومة قاعدة السّلطنة على قاعدة الضّرر لا كون الحكم بالجواز هنا من جهة تعارض الضّررين اعنى ضرر المالك و ضرر الجار و تقديم الأهمّ منهما أو من جهة كون قاعدة السّلطنة مرجعا عند التّعارض لما عرفت من ظهور تعليلهم فيما ذكرنا

قوله طاب ثراه و قال في مسئلة ان لا حريم (- اه-)

ظاهر العطف انّ هذه العبارة عبارة التحرير و ليست (- كك-) بل هي عبارة (- كرة-) كما يشهد به قوله (- قدّه-) بعدها و قريب من ذلك ما في (- عد-) و (- ير-) و الظّاهر انّه قد سقط من قلمه الشّريف كلمة في (- كرة-) بعد كلمة قال

قوله طاب ثراه أقول تصرّف المالك في ملكه (- اه-)

هنا صورة رابعة و هي ان يكون تصرّف المالك في ملكه بحسب المتعارف من تصرّفات أرباب أمثال ذلك الملك من دون علم و لا ظنّ بتضرّر الجار به و لكن اتّفق في الخارج تضرّره و حكمه الجواز بغير اشكال و لا خلاف لعموم قوله (- ص-) النّاس مسلّطون على أموالهم و المفروض عدم العلم و لا الظنّ بتضرّر الجار

قوله طاب ثراه امّا ان يكون لدفع ضرر يتوجّه اليه (- اه-)

بان يترتّب ضرر على ترك التصرّف سوى ضرر نفس ترك التصرّف فيكون التصرّف لدفع ذلك الضّرر الزّائد

قوله طاب ثراه و امّا ان يكون لجلب منفعة (- اه-)

بمعنى ان لا يتوجّه اليه ضرر بترك التصرّف الّا ضرر عدم التسلّط على التصرّف في ملكه فيكون تصرّفه لجلب منفعة زائدة على التسلّط على التصرّف في ملكه

قوله طاب ثراه مضافا الى (- اه-)

قلت و مضافا الى انّ تصرّف المالك إذا كان لدفع الضّرر فقد يكون الضّرر الحاصل من ترك التصرّف بالغا حدّ الضّرورة فتشمله الأدلّة الدالّة على تحليل الحرام على المضطرّ فيجوز له التصرّف لذلك مثل قوله (- ص-) ما من شي ء حرّمه اللّه الّا و قد أحلّه اللّه لمن اضطرّ اليه و يزداد المطلوب وضوحا بما يأتي من الكلام في الصّورة الأخيرة و هي ما إذا كان التصرّف لجلب المنفعة إنشاء اللّه تعالى

قوله طاب ثراه و الظّاهر عدم الضّمان (- أيضا-) عندهم (- اه-)

قد وقع الاستدلال على عدم الضّمان فيما عدى صورة التصرّف لغوا بوجوه الأوّل الإجماع على عدم ضمان المالك ضرر الجار إذا كان تصرّفه في ملكه جائزا فإنّه ممّا لا خلاف فيه و يستفاد عدم الخلاف في ذلك من عبارة (- ط-) و (- ير-) المسطورتان في المتن بتقريب انّ الظّاهر من عدم استحقاق صاحب البئر الأولى للمنع و ان ادّى الى تغيير مائها أو نقصانه هو انّه لا حق له و لا ضمان على الثّاني للاوّل و مفروضهما في صورة التصرّف لأجل المنفعة فالحكم في صورة دفع الضّرر اولى و العبارتان بالنّسبة إلى العلم و الظنّ بتصرّف الجار مطلقتان و التّعليل بانّ له ان يتصرّف في ملكه ينبئ عن كونه كبرى كلّية مسلّمة بين الخاصّة كما يشير الى ذلك مساق عبارة (- كرة-) المنقولة في المتن فانّ عدم ذكر خلاف من الخاصّة يكشف عن كون ما ذكره من الحكم مسلّما عندهم فتأمّل و كذا يستفاد عدم الخلاف هنا من عبارة (- س-) المذكورة في المتن نظرا إلى إرساله الجواز و عدم الضّمان إرسال المسلّمات و إن كان ينافيه ما نقل عنه الماتن (- ره-) من الحكم بالضّمان في تاجيح النّار الثّاني أصالة البراءة من الضّمان بعد عدم الدّليل عليه فانّ أسباب الضّمان منحصرة في اليد و الإتلاف و التّسبيب و الغرض عدم ترتّب يد المالك بتصرّفه في ملكه على ملك الجار و (- كك-) الكلام انّما هو في صورة عدم صدق الإتلاف كما عرفت و امّا السببيّة فإنّها و إن كانت حاصلة في المقام من حيث انّ المالك صار سببا لدخول النّقص في ملك الغير الّا انّ نفس السّببيّة ليست معنونة في الأخبار حتّى يؤخذ بإطلاقها أو عمومها و انّما المعنون فيها هو الإتلاف فلا بدّ و ان يقتصر في إثبات الضّمان بالتّسبيبات المتحقّق في ضمنها عنوان الإتلاف على القدر المتيقّن من معاقد الإجماعات و مجامع كلمات الأصحاب و انضمام بعض الأخبار ببعض فكلّ مورد حصل اليقين بحصول الضّمان من التّسبيبات فهو و الّا فلا يتعدّى الى غيره من الموارد و لا شكّ في انّ القدر المتيقّن من ملاحظة جميع ذلك هي الأسباب الّتي يكون موجدها مذموما في إيجادها شرعا أو عرفا الثّالث دعوى الملازمة على الوجه الكلّى بين اذن الشّارع في شي ء على وجه الإطلاق و بين عدم تعقّبه بالضّمان بمعنى انّ الشارع إذا اذن في شي ء من دون حكم فيه بالضّمان فلا يتعقّبه ضمان و هذه الملازمة يستفاد من كلمات الفقهاء (- رض-) في جملة من الفروع كونها مسلّمة فيما بينهم فمنها ما ذكره المحقّق (- ره-) في نكت النّهاية حيث انّه بعد الحكم بضمان الزّوج دية الزوجة إذا أعنف بها في الدّخول فماتت أورد على نفسه بأنّه كان مأذونا في الدّخول بها من قبل الشّارع على هذا الوجه فان عدوله (- ره-) في الجواب عن الإيراد بوقوع التفكيك بين الضّمان و الإذن الى منع حصول الإذن من الشّارع في العنف صريح في كون عدم تعقّب اذن الشّارع بالضّمان من المسلّمات

ص: 343

فيما بينهم و منها ما في (- لك-) فإنّه عند قول المحقّق (- ره-) نصب الميازيب الى الطّريق جائز و عليه عمل النّاس و هل يضمن لو وقعت فأتلفت قال المفيد (- ره-) لا يضمن و قال الشيخ (- ره-) يضمن لانّ نصبها مشروط بالسّلامة و الأوّل أشبه انتهى قال ما لفظه ظاهر الأصحاب و غيرهم الاتفاق على جواز إخراج الميازيب الى الشّوارع لما فيه من الحاجة الظّاهرة و عليه عمل النّاس قديما و حديثا من غير مخالف الى ان قال و إذا سقط أو سقط منه شي ء فهلك به إنسان أو مال ففي وجوب الضّمان عليه قولان أحدهما و هو الّذي اختاره الشيخ المفيد و ابن إدريس (- رهما-) انّه لا ضمان لأنه من ضرورة البناء و الإذن في وضعه شرعا فلا يتعقّب الضّمان و الثّاني و هو اختيار الشيخ (- ره-) في (- ط-) و (- ف-) الضّمان لانّه ارتفاق بالشّارع في غير السّلوك فيكون جوازه مشروطا بالسّلامة انتهى فانّ تمسّكه للقول الأوّل بأنّه مأذون فيه فلا يتعقّبه الضّمان و للثّاني بأنّ الإذن مقيّد بالسّلامة ظاهران بل صريحان في كون الملازمة مسلّمة فيما بينهم و منها ما تضمّنه كلام المحقق الأردبيلي (- ره-) في تفسير التّسبيب في باب الدّيات من إثبات الضّمان بوضع حجر أو حفر بئر و نحوهما في مكان غير مأذون فيه شرعا و الضّمان بالوضع و الحفر في مكان مأذون فيه و كذا إثبات الضّمان على معلّم السّباحة إن كان تعليمه غير جائز مثل كون المتعلّم طفلا بغير اذن الولي و نفى الضّمان فيما إذا كان جائز الرّشد المتعلّم أو كون التّعليم بإذن الولي الشّرعي لمصلحته فلاحظ و منها قول المحقّق (- ره-) في الشّرائع و كذا اى يجوز إخراج الرّواشن في الطّريق المسلوك إذا لم يضرّ بالمارّة ثمَّ قال و لو قتلت خشبة بسقوطها قال الشّيخ (- ره-) يضمن نصف الدّية لأنّه هلك عن مباح و محظور و الأقرب انّه لا يضمن مع القول بالجواز و ضابطه ان كلّ ما للإنسان إحداثه في الطّريق لا يضمن بسببه و يضمن ما ليس له احداثه كوضع الحجر و حفر البئر انتهى انظر يرحمك اللّه تعالى إلى إرساله عدم الضّمان مع الجواز إرسال المسلم و أراد بقوله لانّه هلك عن مباح و محظور انّ إدخال الخشبة في الجدار جائز و إخراجها إلى طريق النّاس محرّم لاحتمال سقوطها و اضرارها بالمسلمين و فيما نحن فيه نصفها داخل و نصفها خارج فمن حيث نصفه يضمن و من حيث النّصف الأخر لا يضمن و منها ما ذكره جمع منهم المحقّق (- ره-) في الشّرائع و النافع و العلّامة (- ره-) في (- شاد-) و القواعد و ولده في الإيضاح و ثاني الشّهيدين في (- لك-) و المحقّق الأردبيلي و الفاضل الهندي و سيّد الرّياض و غيرهم من انّه روى انّه لو ضرب ولىّ الدّم الجاني قصاصا و تركه ظنّا منه انّه قتله و قد كان به رمق فعالج نفسه و برء لم يكن للوليّ القصاص حتّى يقتص منه بالجراحة أوّلا أو يتتاركا لكنّهم ردّوا الرّواية بالإرسال و ضعف جملة من الرّواة و زاد بعضهم انها قضيّة في واقعة لم يعلم وجهها ففضّلوا بأنّ الولي إن كان قد ضربه على وجه يجوز القصاص به كما لو ضربه بالسّيف فاقتصّه و ظنّ انّه قد مات و لكن قد اشتبه عليه الأمر في ذلك فله ان يقتصّ من غير ان يقتصّ منه بالجراحة لأنّ له القصاص بمثل ذلك إذا الإله هو السّيف و قد ضربه في عنقه و لا يشترط في القصاص تحقّق القتل بضربة واحدة بل لو قتله ضربات عديدة فما فعله من الجرح مباح له لانّه جرحه بماله ان يفعله و المباح لا يستعقب الضّمان و إن كان قد ضربه على وجه لا يجوز القصاص بذلك الوجه امّا لكون الإله غير السّيف كالخشب و الحجر أو وقوع الضرب على غير العتق فعليه قصاص الجراحة إن كان ممّا يقتصّ بها و الدّية إن كان ممّا يؤخذ عليها الدّية ثمَّ يقتل قاتل مورّثه و هذا الذي حكيناه عنهم هو صريح كلمات هؤلاء و غيرهم في الحكم و التّعليل و هو صريح في كون الملازمة من المسلّمات فيما بينهم و منها ما عن المفيد و سلّار و العلّامة و الشّهيدين و الفاضل المقداد و المحقّق الأردبيلي و غيرهم (- قدّهم-) من انّ المكلّف لو أحدث في الطّريق ما اباحه اللّه تعالى و أحلّه فتلف بسببه غيره لم يضمن ديته لعين التّعليل المزبور و منها قول المحقّق (- ره-) بانّ في الإفضاء الدّية و تسقط عن الزّوج لو افضى زوجته بعد البلوغ و عقّبه في الرّياض بقوله لا خلاف فيه في الجملة لأنّه فعل سائغ مأذون فيه شرعا فلا ينبغي ان يوجب

ضمانا و منها ما ذكره غير واحد من انّه لو أخرج أحد الشركاء ميزابا الى الطّريق المرفوع فأصاب به جناية إلى الغير فإن أخرجه بإذن الشركاء لم يضمن و الّا فهو ضامن و علّلوا عدم الضّمان في صورة الإذن بأنّ المباح لا يستعقب الضّمان الى غير ذلك من كلماتهم الصّريحة في كون الملازمة من المسلّمات فيما بينهم و كلّما ازددت مراجعة لكلمات الأصحاب ازددت اطمينانا بذلك و بكونها من ضروريّاتهم و ربّما يتراءى في بادي النّظر مناقضة فتاويهم في موارد لذلك و ليس الأمر على ما يتراءى فمنها حكمهم بضمان راكب الدابّة ما تجنيه بيديها دون رجليها و كذا القائد لها يضمن ما تجنيه باليدين خاصّة هذا إذا سارا بها و امّا لو وقف أحدهما بها ضمن كلّ منهما جنايتها (- مط-) و لو برجليها و كذا لو ضربها أحدهما فجنت ضمنا جنايتها (- مط-) و لو ضربها غيرهما ضمن الضّارب (- مط-) و كذا السّائق لها يضمن جنايتها (- مط-) و قد نفى وجدان الخلاف في ذلك كلّه في الرّياض و نقل عن الغنية و شرح الشّرائع للصّيمري الإجماع و وجه المناقضة كون الركوب و كذا السّوق مباحا و قد استعقبا الضّمان و كذا القود و وجه الدّفع انّ مورد القاعدة انّما هو فيما اذن الشارع فيه مطلقا غير مقيّد بالضّمان و قد ورد هنا تقييد الإذن بالضمان المذكور في الأخبار و منها تضمينهم بلا خلاف النّائم الدّية إذا انقلب على إنسان فقتله أو جرحه فانّ وجه النقض انّ انقلابه مباح فكيف استعقب الضّمان للدّية و وجه الدّفع انّ مورد الملازمة انّما هو ما لو لم يصدق الإتلاف و المباشرة و الّا فأدلّة الإتلاف كافية في إثبات الضّمان على انّ انقلابه لعدم قابليّة للخطاب بلا حكم الّا انّه جائز و لذا لو كان المذكور في حال اليقظة لكان محرّما و منها تضمينهم الضّارب للتّأديب و ان لم يتجاوز المقدار الجائز فإنّ وجه النّقض انّ فعله مباح و قد استعقب الضّمان و وجه الدفع كسابقه و منها تضمينهم الطبيب مع كون علاجه سائغا و وجه الدّفع انّه إن كان غير حاذق ففعله ليس بمباح فالضّمان في محلّه و إن كان حاذقا فان كان مباشرا فضمانه للاندراج تحت عنوان الإتلاف و المباشرة الخارج عن مورد الملازمة و إن كان سببا فضمانه ممنوع كما أوضحناه في محلّه و منها تضمينهم البدل لمن أكل مال الغير عند الاضطرار فانّ وجه المناقضة انّ الأكل مباح مأذون فيه فكيف يجامع الضّمان و وجه الدّفع انّهم لمّا استفادوا التّرخيص في الأكل من الضّرورة المبيحة للمحظورات فتقدّر الضّرورة بقدرها و لذا علّلوه بانّ في جواز الأكل مع الضّمان جمعا بين الحقّين لانّ التصرّف في مال الغير حرام و حفظ النّفس واجب و يحصل بالأكل بعوض فلا يسوغ ما عدى

ص: 344

ذلك و يوضح ما ذكرنا عدم ثبوت الضّمان للبدل فيما ورد التّرخيص في أكله شرعا مثل أكل المارّ على الشّجر و أكل ما تضمّنته الآية من البيوت و ليس الفرق بين ذلك و بين الأكل المضطرّ الّا انّ المجوّز هنا هو الأكل بالدّلالة اللّفظيّة بخلافه في حال الضّرورة فإنّ المجوّز انّما هو دفع الضّرورة و حفظ النّفس و أكل ما يسدّ الرّمق مقدّمة محصّلة له

قوله طاب ثراه نعم لو كان تضرّر الغير من حيث النّفس (- اه-)

ما ذكره (- قدّه-) متين و كلمات الأصحاب في موارد متفرّقة تشهد به و توضيح الحال انّ جواز تصرّف المالك و ان استلزم تضرّر الجار حيثما قلنا به مشروط بأمور أحدها ان لا يكون الضّرر اللّاحق بالجار متعلّقا بنفسه و لا عرضه و لا ماله الّذي يستلزم إتلافه نقصا فاحشا في حاله فإنّه لا بد في الصّور المذكورة من إدخال الضّرر على المالك بمنعه من التصرّف لانّ الشّارع قد أوجب حفظ نفس الغير و عرضه و ماله و رفع الأحكام الضّرريّة و العسر و الحرج منّة على رعيّته فكيف يجوز إدخال المالك الضّرر عليهم في أنفسهم و اعراضهم و أموالهم صونا لنفسه عن التضرّر بشي ء يسير نعم لو استلزم تركه تصرّفه الضّرر النّفسي أو العرضي أو المالى الغير المتحمّل مثله بالنّسبة إلى نفسه جاز له التصرّف الثّاني ان لا يعدّ المتصرّف عرفا مباشرا لإتلاف مال الجار كما لو أرسل الماء في داره فانهدم به جدار جاره المتّصل بداره فإنّه لا إشكال في حرمة فعله إذا كان عمدا و ضمانه (- مط-) لأدلّة الإتلاف فالمدار في جواز التصرّف و عدمه الى العرف فكلّما أسند التّلف عرفا الى المالك فحرام و كلّ ما لم يسند الإتلاف إليه عرفا فجائز و ان تضرّر الجار الثّالث ان لا يكون المالك بتصرّفه في ملكه و لو لجلب منفعة قاصدا لإضرار الجار و الّا فيحرم (- مط-) و ان ترتّب على تصرّفه انتفاع أو دفع مضرّة عن نفسه أو كان الضّرر المتوجّه الى الجار يسير الحرمة الإضرار على وجه الإطلاق الشّامل لجميع الصّور كما يشهد به المرويّ في محكي دعائم الإسلام عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله ليس لأحد ان يفتح كوّة في جدار داره لينظر إلى شي ء من داخل دار جاره فان فتح للضّياء موضع يرى منه لم يمنع من ذلك و ربّما استشهد له (- أيضا-) بقول النّبي (- ص-) لسمرة ما أراك إلّا رجلا مضارّا حيث كان قاصدا لإضرار الأنصاري و نوقش في ذلك بانّ الغرض في المقام إثبات الحرمة فيما لو تصرّف المالك في ملكه مع قصد الإضرار بالجار و ان تضمّن تصرّفه في ملكه دفع مضرّة عن نفسه أو جلب منفعة (- أيضا-) كما عرفت و خبر سمرة لا يثبت ذلك لانّه لم يكن متصرّفا تصرّفا يتفرّع عليه الإضرار بل انّما كان يتطلّب بذهابه الى نخلته عورة الأنصاري و لهذا طلب منه الاستيذان و امره النّبي صلّى اللّه عليه و آله بذلك بعد شكاية الأنصاري إليه فلم يقبل فالإضرار هناك عبارة عن تطلّبه عورة الأنصاري و هو المنهيّ عنه فيه فلم يكن هناك تصرّف يتسبّب منه الضّرر المقصود فكان ذهابه إليها عين تطلّبه لانّه كان متفرّعا عن تصرّفه و فيه انّ سمرة كان له حقّ المرور على نخلته و قد كان تصرّفه بالمرور تصرّفا فيما يستحقّه و كان قاصدا للإضرار بالأنصارى بالاطّلاع على عورته فالتصرّف المتسبّب منه الضّرر و هو المرور موجود فينطبق على محلّ البحث فتدبّر جيّدا

قوله طاب ثراه و إن كان لغوا محضا (- اه-)

بأن كان التصرّف عبثا من دون تعلّق غرض به من جلب منفعة أو دفع مضرّة كما إذا تصرّف من دون حاجة اليه أو زائدا على قدر الحاجة فإنّه لزيادته عن مقدار الحاجة يصير القدر الزّائد في معنى التصرّف المتعارف الّذي لا فائدة فيه لاشتراكهما في الوصف

قوله طاب ثراه فالظاهر انّه لا يجوز (- اه-)

ربّما استظهر بعضهم انعقاد الإجماع على الحرمة في الفرض ثمَّ قال انّ المسئلة و ان لم تكن معنونة في كلمات الفقهاء (- رض-) لبيان الحكم التّكليفي أعني الحرمة الّا انّهم قد اجمعوا على الحكم الوضعيّ الّذي هو الضّمان فيمكن استظهار الإجماع منهم بواسطة الكلّية المتقدّمة من الملازمة بين الحكم الوضعيّ و التّكليفي إذا صدر الفعل من العامد المختار المستجمع لشرائط التّكليف و أقول انّ الملازمة المشار إليها التي أسبقنا توضيحها انّما هي بين الإباحة و عدم الضّمان لا بين الحرمة و الضّمان كما زعمه هذا البعض ثمَّ انّه احتمل بعضهم الجواز في المقام امّا لاحتمال كون قوله صلّى اللّه عليه و آله النّاس مسلّطون على أموالهم واردا في مقام الأخبار عن الخارج ممّا هو مركوز في أذهان العقلاء لا إنشاء الإذن فلا يكون لقاعدة الضّرر حكومة عليه كما تقدّم و امّا لانّه ليس واردا في مقام بيان اباحة التصرّف من المالك في ملكه مثل اباحة التصرّف في المباحات حتى يكون لقاعدة الضّرر حكومة عليه كما انّ لها حكومة على الأدلّة الدالّة على اباحة التصرّف في المباحات بل هو وارد في مقابلة قاعدة الضّرر لبيان دفع ضرر المالك و العسر و الضّيق و الحاصل لم يترك التصرّف في أمواله فإن منع المالك عن التضرّر ضيق و ضرر عليه فكانّ الشّارع قد قال لا ضيق و لا ضرار على المالك من جهة ترك التصرّف بل يجوز له التصرّف و ان استلزم ضرر الغير و لا يمنع ذلك من جواز تصرّفه و (- ح-) يكون حاكما على قاعدة الضّرر و أقول الإنصاف ظهور خطابات الشّارع في بيان الإنشاء دون الأخبار عن الخارج و كون قاعدة الضّرر حاكمة على عموم السّلطنة

قوله طاب ثراه و لا ضرر على المالك في منعه عن هذا التصرّف (- اه-)

دفع لدخل على التمسّك بقاعدة الضّرر و توضيح الدّخل انّ قاعدة الضّرر هنا معارضة بمثلها من حيث دوران الأمر بين ضرر المالك بمنع تصرّفه و ضرر الجار بتصرّفه و (- ح-) فامّا ان يرجع الى عموم السّلطنة ان لم نقل بحكومة أحدهما على الأخر أو يرجع الى أصالة الإباحة ان قلنا بالحكومة و توضيح الدّفع منع تضرّر المالك بترك التصرّف الّذي ليس له فيه غرض معتد به من جلب نفع أو دفع ضرّ كما هو المفروض في المقام فمع عدم صدق الضّرر عليه عرفا تبقى قاعدة الضّرر لنفى الضّرر عن الجار سليما عن المعارض

قوله طاب ثراه و يدلّ عليه انّ حبس المالك (- اه-)

غرضه (- قدّه-) بذلك هو التمسّك بقاعدة الضّرر و العسر و الحرج مع منع جريان قاعدة الضّرر بالنّسبة إلى الجار

قوله طاب ثراه و امّا الاستدلال بعموم النّاس مسلّطون (- اه-)

هذا الاستدلال قد صدر من بعضهم بتقريب انّ قوله (- صلعم-) النّاس مسلّطون على أموالهم ليس واردا في مقام جواز إنشاء تصرّف الملّاك في أموالهم بل الظّاهر وروده في مقام الأخبار عن الخارج و كون تصرّف النّاس في أموالهم امرا مستمرّا بينهم مركوزا في أذهانهم معمولا عليه في جميع الأزمان من دون اختصاص بشرعنا بل هو ثابت في جميع الأديان و الشّارع إنّما أمضى ذلك الأمر المستمرّ المركوز في أذهانهم و قد عرفت سابقا انّ قوله صلّى اللّه عليه و آله لا ضرر و لا ضرار في الإسلام انّما ورد في مقام نفى الأحكام الضّرريّة المجعولة للشّارع لا نفى الأمور الضّرريّة الخارجيّة التي لا مدخل لجعل الشّارع فيها فقاعدة نفى الضّرر لا تنفى جواز تصرّف المالك و ان استلزم تضرّر الجار فتبقى قاعدة السّلطنة سليمة عن المعارض و فيه منع ورود عموم السّلطنة في مقام الأخبار عمّا هو مركوز في أذهان العقلاء من تصرّفهم في أموالهم و الإمضاء لذلك بل مقتضى ملاحظة شأن

ص: 345

الشّارع هو كونه كسائر خطابات الشّرع في مقام بيان الإنشاء و قد أوضحنا في الجهة الثالثة من الجهات الّتي تعرّضنا لها في شرح التنبيه الأوّل حكومة قاعدة الضّرر على عموم السّلطنة فراجع و تدبّر على انّا لو تنزلنا من ذلك و سلّمنا ورود عدم السّلطنة في مقام الإمضاء نقول انّ قاعدة نفى الضّرر كما تنفى الأحكام الضّرريّة المجعولة للشّارع كذلك تنفى الأحكام الضّررية الّتي أمضاها و ان شئت قلت انّ تلك القاعدة كما تنفى الضّرر عن جعل الشّارع كذلك تنفيه عن إمضائه فيستكشف بوجود الضّرر في مورد ما أمضاه انّ ذلك المورد بخصوصه ممّا لم يتعلّق به إمضاؤه و لهذا لو ثبت أحكام في الشرائع السّابقة و لم يثبت نسخها في شرعنا فاذا تضمّن بعضها الضّرر تنفيه بالقاعدة النّافية له و يشهد بذلك انّ سيرة الأصحاب قد استقرّت على التمسّك بقاعدة الضّرر فيما ليس من مجعولات الشّارع و انّما هو من قبيل ما أمضاه ألا ترى أنّهم اثبتوا خيار الغبن و العيب بقاعدة نفى الضّرر و (- كك-) اثبتوا الشفعة للشريك بها مع معارضة عموم قاعدة السّلطنة بها في المقامين لثبوت سلطنة البائع على عوض المبيع المعيوب بالعقد الصّحيح و ثبوت سلطنة المشترى للحصّة المشتركة به فإثبات جواز فسخ المشترى العقد في الأوّل و إثبات جواز الأخذ بالشّفعة للشّريك في الثاني بقاعدة الضّرر مناف لقاعدة السّلطنة فدلّ حكمهم بهما و بامثالهما على تقديم قاعدة الضّرر على قاعدة السّلطنة حتى في الموارد الغير المجعولة للشّارع و قد تقدّم استدلال الصّادق عليه السّلام لإثبات الشفعة بقاعدة الضّرر هذا مع انّ قضيّة سمرة المتقدّمة تدلّ أيضا على تقديم قاعدة الضّرر على عموم السّلطنة لأنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله حكم بقلع عذق سمرة لقاعدة الضّرر مع ثبوت سلطنته على عذقه فيحصل من ملاحظة مجموع ما ذكر القطع بحكومة قاعدة الضّرر على عموم السّلطنة فتدبّر جيّدا خاتمة تتضمّن أمرين الأوّل انّ جميع ما ذكرنا في الأقسام الأربعة من جواز تصرّف المالك في ملكه المستلزم لتضرّر الجار و عدمه و ترتّب الضّمان و عدمه انّما هو فيما كان التصرّف في الملك مستلزما لتضرّر الجار و هل يلحق بالملك المباحات المشتركة بين المسلمين مثل الطّرق و المدارس و الخان المعدّ لنزول المتردّدين بمعنى انّ الأقسام الثّلثة التي قلنا بجواز التصرّف و عدم الضّمان فيها إذا تصوّر مثلها في المباحات المشتركة فهل يجرى عليه حكمها بان يجوز إضرام النار لساكن احدى الحجرات من دون ضمان إذا تضرّر به ساكن الحجرة الأخرى أم لا وجهان بل قولان أوّلهما ظاهر ما حكى عن الشّهيد الثّاني (- ره-) من التّسوية بين التصرّف في الأملاك و غيرها من المباحات المشتركة جوازا و منعا و ضمانا و عدمه و ثانيهما هو المحكى عن العلّامة (- ره-) في (- كرة-) حيث حكى عنه القول بحرمة التصرّف المضرّ بالجار هنا حتى على القول بالجواز في الأملاك حجّة الأوّل أنّ الأصل إباحة التصرّف و البراءة من الضّمان بعد منع جريان قاعدة الضّرر هنا أو دعوى انّ مقتضى ورودها في مقام الامتنان هو عدم جريانها هنا لانّ منع المسلم عن التصرّف فيما هو مباح له خلاف الامتنان و حجّة الثّاني انّ وجه جواز التصرّف في الأملاك حتّى في صورة استلزام تضرّر الجار انّما هو عموم قاعدة السّلطنة و سلامته عن معارضة قاعدة الضّرر بعد ابتلائها بالمعارضة بالمثل و هذا لا يجري في المشتركات لعدم جريان قاعدة السّلطنة فيها لعدم كونها ممّا يعدّ مالا لأحد كما هو المفروض فتسلم قاعدة الضّرر عن المعارض و لا ينافيها الأدلّة الدالّة على جواز التصرّف فيها ضرورة انّه لا منافاة بين الإباحة الذّاتيّة و الحرمة العرضيّة فيحرم التصرّف فيها من باب كونه مقدّمة لمحرّم و هو تضرّر الغير و إن كان التصرّف فيها مباحا بالذّات و الجواب عن هذه الحجّة انّ قاعدة الضّرر بالنّسبة إلى الجار هنا (- أيضا-) معارضة بمثلها لانّ منع المسلم من التصرّف فيما أبيح له التصرّف فيه لدفع ضرر أو جلب منفعة ضرر عليه (- أيضا-) فتبقى أصالة الإباحة سليمة عن المعارض فما اختاره الشّهيد الثاني (- ره-) هو الأظهر و اللّه العالم الثّاني انّ انقلاب العدوان غير عدوان هل يوجب انقلاب الحكم التّكليفي و الوضعيّ أم لا فلو حفر في ملك الغير بغير إذنه بئرا عدوانا ثمَّ انقلب ذلك الملك ملكا له بابتياع أو هبة أو إرث أو نحوها أو حفر بئرا في طريق المسلمين لا لمصلحتهم ثمَّ انّه تصرّف في الطّريق و فتح من ملكه طريقا أوسع و أقرب و أعود للمسلمين من الطريق السّابق بناء على جوازه فهل ينقلب الحكم التّكليفي أعني الحرمة و الوضعيّ و هو الضّمان بسبب تملّكه لتلك الأرض فيحكم بعدم الضّمان لو وقع فيه احد و

تلف نفسه أو طرفه أم لا وجهان للأوّل استصحاب السببيّة و الضّمان و للثاني أصالة البراءة من الضّمان بعد منع الاستصحاب بسبب تبدّل عنوان السّبب فانّ الظّاهر من دوران الحكم مدار الوصف انقلاب الحكم بانقلابه و هذا هو الأشبه و اللّه العالم هذا أخر الكلام في شرح عبائر رسالة نفى الضرر و به تمَّ الكتاب نفعنا اللّه تعالى به يوم الحساب و قد آل الأمر بي إلى هنا عصر يوم الأربعاء ثامن عشر ربيع الأوّل سنة ألف و ثلثمائة و ستّ و ثلثين و هي السنة الّتي أدّب اللّه سبحانه فيها أهل عراق العرب و أغلب بلاد العجم بل أغلب بلاد الربع المسكون بالغلاء الشّديد الذي لم نر نحن و لا شيبة عصرنا في عمرهم و لا نقل لهم مثله و قد آل الأمر إلى تعارف شراء حقّة الخبر باثني عشر قرانا بعد ان كانت بقران و حقّة البصل بعشر قرانات بعد إن كانت بربع قران و هكذا سائر المأكولات و الملبوسات و بقيّة ضروريّات المعاش و ذلك منه تعالى لمصالح كامنة يدرك العاقل بعضها و لا يدرك أكثرها و اسئل اللّه الكريم المنان ان يعفو عنّا و لا يؤاخذنا بسىّ ء أعمالنا و يكشف هذه الشّدة العظيمة عن هذه الأمّة العاصية الظالمة بمنّه و جوده و كرمه و عفوه و رأفته يا من سبقت رحمته غضبه ارحمنا و ارفع هذا البلاء عنّا و اجعله الغلاء الموعود متّصلا بظهور حجّتك على خلقك و مصفّى الأرض عن الظلم و الجور بتأييدك أمّين أمّين يا إله طه و يس و قد فرغت من تسويد هذه النسخة الشريفة في اليوم الثاني من شهر ربيع الأول سنة ألف و ثلثمائة و خمس و أربعين من الهجرة النبويّة (- ص-) و انا الفاني أحمد بن الشيخ محمّد حسين طبعت في المطبعة المرتضويّة في النّجف الأشرف سنة 1345.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.